{ ولتجدنهم } اللام للقسم والنون للتأكيد أي والله لتجدنهم يا محمد ، وهذا أبلغ من قوله { ولن يتمنوه أبدا } { أحرص الناس على حياة } زيادة على عدم تمني الموت ، والحرص أشد الطلب ، وتنكير { حياة } للتحقير أي أنهم أحرص الناس على حقير حياة وأقل لبث في الدنيا فكيف بحياة كثيرة ولبث متطاول ، وقال في الكشاف أنه أراد بالتنكير حياة مخصوصة وهي الحياة المتطاولة ، وتبعه في ذلك الرازي والخازن في تفسيرهما { ومن الذين أشركوا } ووجه ذكرهم بعد ذكر الناس مع كونهم داخلين فيهم للدلالة مزيد حرص المشركين من العرب ومن شابههم من غيرهم ، فمن كان أحرص منهم وهم اليهود كان بالغا في الحرص إلى غاية لا يقادر قدرها .
وإنما بلغوا في الحرص إلى هذا الحد الفاضل على حرص المشركين لأنهم يعلمون بما يحل بهم من العذاب في الآخرة بخلاف المشركين من العرب ونحوهم فإنهم لا يقرون بذلك ، فكان حرصهم على الحياة دون حرص اليهود ، والأول وإن كان فيه خروج من الكلام في اليهود إلى غيرهم من مشركي العرب لكنه أرجح لعدم استلزامه للتكلف ولا ضير في استطراد ذكر حرص المشركين بعد ذكر حرص اليهود ، وقال الرازي إن الثاني أرجح ليكون ذلك أبلغ في إبطال دعواهم وفي إظهار كذبهم في قولهم أن الدار الآخرة لنا لا لغيرنا انتهى ، ويجاب عنه بأن هذا الذي جعله مرجحا قد أفاده قوله تعالى { ولتجدنهم أحرص الناس } ولا يستلزم استئناف الكلام في المشركين أن لا يكونوا من جملة الناس .
{ يود أحدهم } بيان لزيادة حرصهم على طريقة الاستئناف وهم المجوس أي يتمنى أحدهم { لو يعمر ألف سنة } أي تعمير ألف سنة ، وإنما خص الألف بالذكر لأن العرب كانت تذكر ذلك عند إرادة المبالغة ، ولأنها نهاية العقود ولأنها تحية المجوس فيما بينهم يقولون { زي هزار سال } أي عشر ألف سنة أو ألف نيوز أو ألف مهرجان ، فهذه تحيتهم ، وهذه كناية عن الكثرة فليس المراد خصوص هذا العدد ، والمعنى أن اليهود أحرص من المجوس الذين يقولون ذلك .
{ وما هو بمزحزحه } أي بمباعده قيل هو راجع إلى أحدهم كما جرى عليه الجلال ، وعلى هذا يكون قوله { أن يعمر } فاعلا لمزحزحه وقيل هو لما دل عليه يعمر من مصدره أي وما التعمير بمزحزحه ويكون قوله { أن يعمر } بدلا منه ، وحكى الطبري عن فرقة أنها قالت هو عماد ، وقيل هو ضمير الشأن وإليه نجا الفارسي تبعا للكوفيين ، وقيل { ما } تميمة وهو مبتدأ خبره بمزحزحه على زيادة الباء وقيل ما هي الحجازية والضمير اسمها وما بعده خبرها والأول أرجح ، وكذلك الثاني والثالث ضعيف جدا لأن العماد لا يكون إلا بين شيئين ، ولهذا يسمونه ضمير الفصل والرابع فيه أن ضمير الشأن يفسر بجملة سالمة عن حرف جر كما حكاه ابن عطية عن النحاة ، والزحزحة التنحية يقال زحزحته فتزحزح أي نحيته فتنحى وتباعد { من العذاب } { من } بمعنى عن أي نار { أن يعمر } أي لو عمر طول عمره لا ينقذه من العذاب { والله بصير بما تعلمون } لا يخفى عليه خافية من أحوالهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.