قولُه تعالى : { وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ } . . هذه اللامُ جوابُ قسم محذوفٍ ، والنونُ للتوكيدِ تقديرُه : واللهِ لَتَجِدَنَّهُم . و " وجَدَ " هنا متعديةٌ لمفعولَيْن أوَّلُهما الضميرُ ، والثاني " أَحْرَصَ " ، وإذا تَعَدَّتْ لاثنين كانَتْ ك " عَلِمَ " في المعنى نحو : { وَإِن وَجَدْنَآ أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ } [ الأعراف : 10 ] . ويجوزُ أن تكونَ متعديةً لواحدٍ ومعناها معنى لِقيَ وأصابَ ، وينتصِبُ " أَحْرَصَ " على الحالِ : إمَّا على رَأْي مَنْ لا يشترطُ التنكيرَ في الحال ، وإمَّا على رَأْي مَنْ يرى أنَّ إضافةَ " أَفْعَل " إلى معرفةٍ فجاءَتْ على أحدِ الجائِزَيْن ، أعني عَدَمَ المطابقةِ ، وذلك أنَّها إذا أُضيفَتْ إلى معرفةٍ على نيَّةِ " مِنْ " جازَ فيها وجهان : المطابقةُ لِما قبلَها نحو : الزيدان أَفْضَلا الرجالِ ، والزيدون أفاضل الرجال ، وهند فُضْلى النساء . والهنودُ فُضْلَياتُ النساءِ ، ومنه قولُه : " أكابِرَ مجرميها " ، وعدمُها نحو : الزيدون أَفْضَلُ الرجالِ ، وعليه هذه الآيةُ ، وكلا الوجهين فصيحٌ ، خلافاً لابن السراج حيث ادَّعى تعيُّنَ الإفرادِ ، ولأبي منصور الجواليقي حيث زَعَم أنَّ المطابقةَ أفصحُ . وإذا أُضيفت لمعرفةٍ لَزِمَ أن تكونَ بعضَها ، ولذلك مَنَع النحْويون : " يوسُف أَحْسَنُ إخوته " على معنى التفضيلِ ، وتأوَّلوا ما يُوهِمُ غيرَه نحو : " الناقصُ والأشجُّ أعدلا بني مروان " بمعنى العادِلان فيهم ، وأمَّا :
يا رَبَّ موسى أَظْلَمِي وَأَظْلَمُهْ *** فاصبُبْ عليه مَلِكاً لا يَرْحَمُهْ
فشاذٌّ ، وسَوَّغَ ذلك / كَوْنُ " أَظْلَمَ " الثاني مقحماً كأنه قال : " أَظْلَمُنا " . وأمَّا إذا أُضيفَ لنكرةِ فقد سَبَقَ حكمُها عند قولِه : " أوَّل كافر " .
قوله : { عَلَى حَيَاةٍ } متعلِّق ب " أَحْرَصَ " ، لأنَّ هذا الفعلَ يتعدَّى ب " على " ، تقول : حَرَصْتُ عليه . والتنكيرُ في " حياة " تنبيه على أنه أراد حياةً مخصوصةً وهي الحياةُ المتطاولةُ ، ولذلك كانت القراءةُ بها أَوْقَعَ مِنْ قراءةِ أُبَيّ " على الحياة " بالتعريفِ . وقيل : إنَّ ذلك على حَذْفِ مضافٍ تقديرُه : على طُولِ حياةٍ ، والظاهرُ أنه لا يَحتاج إلى تقدير صفةٍ ولا مضافٍ ، بل يكونُ المعنى : أنَّهم أحرصُ الناسِ على مطلقِ حياةٍ . وإنْ قُلْتَ : فكيف وإنْ كَبُرَتْ فيكونُ أَبْلَغَ في وَصْفِهم بذلك . وأصلُ حياة : حَيَيَة تحرَّكتِ الياءُ وانفتح ما قبلها قُلِبَتْ أَلِفاً .
قولُه : { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } يجوزُ أَنْ يَكونَ متصلاً داخلاً تحتَ أَفْعَل التفضيلِ ، ويجوزُ أن يكونَ منقطعاً عنه ، وعلى القولِ باتصالِه به فيه ثلاثةُ أقوالٍ ، أحدُها : أنه حُمِل على المعنى ، فإنَّ مَعْنَى أحرصَ الناس : أَحْرَصَ من الناسِ ، فكأنه قيل : أحرصَ من الناسِ ومِن الذين أشركوا . الثاني : أن يكون حَذَفَ من الثاني لدلالةِ الأولِ عليه ، والتقديرُ : وأحرصَ من الذين أشركوا ، وعلى ما تقرَّر من كونِ { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } متصلاً بأَفْعَلِ التفضيلِ فلا بُدَّ مِنْ ذِكْر " مِنْ " لأنَّ " أَحرصَ " جَرى على اليهودِ ، فَلَوْ عُطِفَ بغيرِ " مِنْ " لكانَ معطوفاً على الناس ، فيكونُ في المعنى : ولتجدنَّهم أحرصَ الذين أَشْرَكوا فيلزُم إضافةُ أَفْعَلَ إلى غيرِ ما اندَرَجَ تحتَه ، لأنَّ اليهودَ ليسوا من هؤلاء المشركينَ الخاصِّينَ لأنهم قالوا في تفسيرهم إنهم المجُوس أو عَرَبٌ يَعْبُدون الأصنامَ ، اللهم إلا أَنْ يُقالَ إنه يَغْتفر في الثواني ما لا يُغْتفر في الأوائلِ ، فحينئذٍ لو لم يُؤْتَ بمِنْ لكان جائزاً .
الثالث : أنَّ في الكلام حَذْفاً وتقديماً وتأخيراً ، والتقديرُ : ولتجدنَّهم وطائفةً من الذين أشركوا أحرصَ الناسِ ، فيكونُ { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } صفةً لمحذوفٍ ، ذلك المحذوفُ معطوفٌ على الضمير في " لتجدنَّهم " ، وهذا وإنْ كان صحيحاً من حيث المعنى ، ولكنه يَنْبُو عنه التركيبُ لا سيما على قولِ مَنْ يَخُصُّ التقديمَ والتأخيرَ بالضرورةِ . وعلى القولِ بانقطاعهِ من " أَفْعل " يكونُ { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } خبراً مقدَّماً . ، و " يَوَدُّ أحدُهم " صفةً لمبتدأ محذوفٍ تقديرُه : ومن الذين أَشْركوا قومٌ أو فريقٌ يَوَدُّ أحدُهم ، وهو من الأماكن المطَّردِ فيها حَذْفُ الموصوفِ بِجُمْلَتِه ، كقولِه : { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } [ الصافات : 164 ] ، وقوله : " مِنَّا ظَعَنَ ومنَّا أقام " . والظَاهر أن الذين أشْركوا غيرُ اليهودِ كما تقدم . وأجاز الزمخشري أن يكونَ من اليهود لأنهم قالوا : عُزَيْرٌ ابنُ الله ، فيكونَ إخباراً بأنَّ مِنْ هذه الطائفة التي اشتدَّ حرصُها على الحياةِ مَنْ يَوَدُّ لو يُعَمَّر ألفَ سنةٍ ، ويكون من وقوعِ الظاهِرِ المُشْعِر بالغَلَبة موقعَ المضمرِ ، إذا التقديرُ : ومنهم قومٌ يَوَدُّ أحدُهم . وقد ظَهَرَ مِمَّا تقدَّم أنَّ الكلامَ مِن باب عَطْفِ المفرداتِ على القولِ بدخول { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } تحت أَفْعَل ، ومن بابِ عَطْفِ الجمل على القولِ بالانقطاعِ .
قوله : " يَوَدُّ أحدُهم " هذا مبنيٌّ على ما تقدَّم ، فإنْ قيل بأنَّ { وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ } داخلٌ تحتَ " أَفْعَلَ " كان في " يَوَدُّ " خمسةُ أوجهٍ أحدُها : أنه حالٌ من الضمير في " لَتَجِدَنَّهم " أي : لتجِدنَّهم وادَّاً أحدُهم . الثاني : أنه حالٌ من الذين أشركوا فيكونُ العاملُ فيه " أَحْرَصَ " المحذوف . الثالث : أنه حالٌ من فاعلِ " أشْركوا " . الرابع : أنه مستأنفٌ استؤنفَ للإِخبار بتبيينِ حالِ أمرِهم في ازديادِ حِرْصِهِم على الحياةِ . الخامسُ وهو قولُ الكوفيين : أنه صلةٌ لموصولٍ محذوفٍ ، ذلك الموصولُ صفةٌ للذين أشركوا ، والتقدير : ومن الذين أشركوا الذين يودُّ أحدُهم . وإنْ قيلَ بالانقطاع فيكونُ في محلِّ رفعٍ ، لأنه صفةٌ لمبتدأٍ محذوفٍ كما تقدَّم . و " أحدٌ " هنا بمعنى واحد ، وهمزتُه بدلٌ من واو ، وليس هو " أحد " المستعملَ في النفي فإنَّ ذاك همزتُه أصلٌ بنفسِها ، ولا يُستعملُ في الإِيجابِ المَحْض .
و " يودُّ " مضارعُ وَدِدْتُ بكسر العينِ في الماضي ، فلذلك لم تُحْذَفْ الواوُ في المضارعِ لأنها لم تقعْ بين ياءٍ وكسرةٍ بخلافٍ " يَعِد " وبابه ، وحكى الكسائي في " ودَدْت " بالفتحِ . قال بعضُهم : " فعلى هذا يُقال يَوِدُّ بكسر الواو " . والوَدادة التمني .
قوله : " لو يُعَمَّر " في " لو " هذه ثلاثةُ أقوال ، أحدُها - وهو الجاري على قواعِد نحاةِ البصرة - : أنها حرفٌ لِما كان سيقَعُ لوقوعِ غيره ، وجوابُها محذوفٌ لدلالةِ " يَوَدُّ " عليه ، وحُذِفَ مفعولُ " يَوَدُّ " لدلالةِ " لو يُعَمَّرَ " عليه ، والتقديرُ : يَوَدُّ أحدُهم طولَ العمرِ ، لو يُعَمَّر ألفَ سنةٍ لَسُرَّ بذلك ، فَحُذِفَ من كلِّ واحدٍ ما دَلَّ عليه الآخرُ ، ولا محلَّ لها حينئذٍ من الإِعراب . والثاني - وبه قال الكوفيون وأبو علي الفارسي وأبو البقاء - : أنها مصدرية بمنزلة أَنْ الناصبةِ ، فلا يكونُ لها جوابٌ ، ويَنْسَبِكُ منها وما بعدَها مصدرٌ يكونُ مفعولاً ليَوَدُّ ، والتقدير : يَوَدُّ أحدُهم تعميرَه ألفَ سنةٍ . واستدلَّ أبو البقاء بأنَّ الامتناعية معناها في الماضي ، وهذه يَلْزَمُها المستقبل ك " أَنْ " ، وبأنَّ " يودُّ " / يتعدَّى لمفعول وليس مِمَّا يُعَلَّق ، وبأنَّ " أَن " قد وَقَعَتْ بعد يَوَدُّ في قوله : { أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَن تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ } [ البقرة : 266 ] وهو كثيرٌ ، وموضعُ الردِّ عليه غيرُ الكتابِ . الثالث - وإليه نحا الزمخشري - : أن يكونَ معناها التمني فلا تحتاجُ إلى جوابٍ لأنها في قوة : يا ليتني أُعَمَّر ، وتكونَ الجملةُ من لَوْ وما في حَيِّزها في محلِّ نصبٍ مفعولاً به على طريقِ الحكايةَ بيَوَدُّ ، إجراءً له مُجْرى القول . قال الزمخشري : " فإنْ قلت : كيف اتصل لو يُعَمَّر بَيَودُّ أحدُهم ؟ قُلْتُ : هي حكايةٌ لوَدَادَتِهم ، و " لو " في معنى التمني ، وكان القياسُ : " لو أُعَمَّر " إلا أنَّه جرى على لفظِ الغَيْبَة لقوله : " يَوَدُّ أحدُهم " ، كقولِك : حَلَفَ بالله ليَفْعَلَنَّ انتهى . وقد تقدَّم شرحُه ، إلا قولَه : " وكان القياسُ لو أُعَمَّر ، يعني بذلك أنه كانَ مِنْ حَقِّه أَنْ يأتيَ بالفعلِ مُسْنَداً للمتكلم وحدَه وإنما أَجْرَى " يَوَدُّ " مُجْرى القولِ لأنَّ " يَوَدُّ " فعلٌ قَلبي والقولُ يَنْشَأُ عن الأمورِ القلبيَّةِ " .
و " ألفَ سَنَةٍ " منصوبٌ على الظرفِ بيُعَمَّر ، وهو متعدٍّ لمفعولٍ واحد قد أٌقِيم مُقَامَ الفاعلِ . وفي " سَنَة " قولان " أحدُهما : أنَّ أصلَها : سَنَوة لقولهم : سَنَوات وسُنَيَّة وسانَيْتُ . والثاني : أنها من سَنَهَة لقولِهم : سَنَهات وسُنْيَهَة وسانَهْتُ ، واللغتان ثابتتان عن العربِ كما ذَكَرْتُ لك .
قوله : { وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ } في هذا الضميرِ خمسةُ أَقْوالٍ ، أحدُها : أنه عائدٌ على " أحد " وفيه حينئذٍ وَجْهان ، أحدُهما : أنه اسمُ " ما " الحجازيةِ ، و " بمُزَحْزِحِه " خبرُ " ما " ، فهو في محلِّ نصبٍ والباءُ زائدة .
و " أَنْ يُعَمَّر " فاعلٌ بقولِه " بمُزَحْزِحِه " ، والتقديرُ : وما أحدُهم مُزَحْزِحَه تعميرُه . الثاني من الوجهين في " هو " : أن يكونَ مبتدأ ، و " بمُزَحْزِحِهِ " خبرُه ، و " أَنْ يُعَمَّر " فاعلٌ به كما تقدَّم ، وهذا على كَوْنِ " ما " تميميَّةً ، والوجهُ الأولُ أحسنُ لنزولِ القرآنِ بلغة الحجازِ وظهورِ النصب في قولِه : { مَا هَذَا بَشَراً } [ يوسف : 31 ] ، { مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } [ المجادلة : 2 ] .
الثاني من الأقوال : أن يعودَ على المصدرِ المفهومِ من " يُعَمَّر " ، أي : وما تعميره ، ويكون قولُه : " أن يُعَمَّر " بدلاً منه ، ويكون ارتفاعُ " هو " على الوَجْهَيْن المتقدِّمَين ، أعني كونَه اسمَ " ما " او مبتدأ .
الثالثُ : أن يكونَ كناية عن التعميرِ ، ولا يعودُ على شيء قبلَه ، ويكونُ " أن يُعَمَّر " بدلاً منه مفسِّراً له ، والفرقُ بين هذا وبين القولِ الثاني أنَّ ذاك تفسيرُه شيءٌ متقدِّمٌ مفهومٌ من الفعلِ ، وهذا مفسَّرٌ بالبدلِ بعده ، وقد تقدَّم أنَّ في ذلك خلافاً ، وهذا ما عنى الزمخشري بقوله : " ويجوزُ أن يكونَ " هو " مبهماً ، و " أَنْ يُعَمَّر " موضِّحَه " .
الرابع : أنه ضميرُ الأمرِ والشأنِ وإليه نحا الفارسي في " الحلبيَّات " موافقةً للكوفيين ، فإنهم يُفَسِّرون ضميرَ الأمرِ بغيرِ جملةٍ إذا انتظَمَ من ذلك إسنادٌ معنويٌّ ، نحو : ظَنَنْتُه قائماً الزيدانَ ، وما هو بقائمٍ زيدٌ ، لأنه في قوة : ظننتُه يقومُ الزيدان ، وما هو يقومُ زيدٌ ، والبصريُّون يَأْبَوْن تفسيرَه إلا بجملةٍ مُصَرَّحٍ بجُزْئَيْها سالمةٍ من حرفِ جرٌّ ، وقد تقدَّم تحقيقُ القولين .
الخامسُ : أنَّه عِمادٌ ، نعني به الفصلَ عند البصريين ، نَقَلَه ابن عطية عن الطبري عن طائفةٍ ، وهذا يحتاجُ إلى إيضاح : وذلك أنَّ بعض الكوفيين يُجِيزون تقديم العِماد مع الخبرِ المقدَّم ، يقولون في : زيدٌ هو القائمُ : هو القائمُ زيدٌ ، وكذلك هنا ، فإنّ الأصلَ عند هؤلاءِ أَنْ يكونَ " بمُزَحزِحِه " خبراً مقدَّماً و " أَنْ يُعَمَّر " مبتدأً مؤخراً ، و " هو " عَمادٌ ، والتقديرُ : وما تعميرُه هو بمزحزحِه ، فلمَّا قُدِّم الخبرُ قُدِّم معه العِمادُ . والبصريُّون لا يُجِيزون شيئاً من ذلك .
و " من العذابِ " متعلِّقٌ بقوله : " بمُزَحْزِحِه " و " مِنْ " لابتداءِ الغاية .
والزَّحْزَحَةُ : التنحِيَةُ ، تقولُ : زَحْزَحْتُه فَزَحْزَحَ ، فيكون قاصراً ومتعدِّياً ، فمِنْ مجيئِه متعدِّياً قولُه :
يا قباضَ الروحِ مِنْ نَفْسٍ إذا احْتَضَرَتْ *** وغافرَ الذنبِ زَحْزِحْني عَنِ النارِ
يا قابضَ الروح مِنْ جِسْم عَصَى زَمَنَاً *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ومن مجيِئه قاصراً قولُ الآخر :
خليلَيَّ ما بالُ الدُّجى لا يُزَحْزَحُ *** وما بالُ ضوءِ الصبحِ لا يَتَوَضَّحُ
قولُه : " أَنْ يُعَمَّر " : إمَّا أَنْ يكونَ فاعِلاً أو بدلاً من " هو " أو مبتدأً حَسْبَ ما تقدَّم من الإِعرابِ في " هو " .
{ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } مبتدأٌ وخبرُه ، و " بما " متعلِّقٌ ببصير . و " ما " يجوزُ أَنْ تكونَ موصولةً اسميةً أو نكرةً موصوفةً ، والعائدُ على كلا القَوْلَيْنِ محذوفٌ أي : يَعْمَلُونه ، ويجوز أن تكونَ مصدريةً أي : بِعَمَلِهم . والجمهورُ " يعملون " بالياء ، نَسَقَاً على ما تقدَّم ، والحسنُ وغيرُه " تَعْمَلُون " بالتاء للخطاب على الالتفات ، وأتى بصيغةِ المضارعِ ، وإن كانَ عِلْمُه محيطاً بأعمالِهم السالفةِ مراعاً لرؤوسِ الآي ، وخَتْمِ الفواصلِ .