السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا} (83)

{ وإذا جاءهم } أي : المنافقين { أمر } أي : خبر عن سرايا النبيّ صلى الله عليه وسلم { من الأمن } أي : الغنيمة { أو الخوف } أي : القتل والهزيمة { أذاعوا به } أي : أفشوه وكانت إذاعتهم مفسدة ، والباء مزيدة أو لتضمن الإذاعة معنى التحدّث ، وذلك أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يبعث السرايا فإذا غلبوا بادر المنافقون يستخبرون عن حالهم فيفشونه ويتحدّثون به قبل أن يحدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضعفون به قلوب المؤمنين ويتأذى النبيّ صلى الله عليه وسلم { ولو ردّوه } أي : ذلك الخبر { إلى الرسول } أي : لم يحدثوا به حتى يكون النبيّ صلى الله عليه وسلم هو الذي يحدث به { وإلى أولي الأمر منهم } أي : ذوي الرأي من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله تعالى عنهم { لعلمه } على أي : وجه يذكر أي : { الذين يستنبطونه منهم } أي : يستخرجون تدابيره بتجاربهم وأنظارهم هل ينبغي أن يكتم أو يفشى { ولولا فضل الله عليكم } بالإسلام { ورحمته } لكم بإرسال الرسل وإنزال القرآن { لاتبعتم الشيطان } فيما يأمركم به من الكفر والمعاصي { إلا قليلاً } أي : منكم فإنهم لا يتبعونه حفظاً من الله بما وهبهم الله من صحيح العقل ، والعصمة تقال في حق غير الأنبياء أيضاً ؛ لأنها المنع من المعصية ولكن الشائع أن يقال في حق النبيّ معصوم ، وفي حق غيره محفوظ .