وقوله تعالى : { وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به } وفي حرف بن مسعود رضي الله عنه وإذا جاءهم نبأ من خوف أو أمن أذاعوه ، وكذلك في حرف حفصة . قال الكسائي : ( هما لغتان : أذعت به ، وأذعته ، إذا{[6074]} أفشيته . وقيل : سمعوا به ، وأفشوه . وقيل : أفشوه ، وأشاعوه ) .
ثم اختلف فيما نزلت ؛ قال الحسن : ( نزلت في المؤمنين ، وذلك أنهم إذا سمعوا خبرا من أخبار السرايا والعساكر مما يسرون ، ويفرحون أفشوه في الناس فرحا منهم ، وإذا سمعوا ما يحزنهم ، ويهمهم ، أظهروه في الناس حزنا وغما ) .
ثم استثنى { إلا قليلا } لا يذيعون ، ولا يفشون الخبر . فلو سكتوا ، وردوا الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يخبر النبي صلى الله عليه وسام ما كان من الأمر ، ويرده{[6075]} إلى أولي الأمر ، حتى يكونوا هم الذين يخبرون به ، كان أولى . وهو على التقديم والتأخير .
وقال أبو بكر الكسائي : ( نزلت الآية في المنافقين ؛ وذلك أن المنافقين إذا سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر عن نصر المسلمين على {[6076]} الأعداء بذلك لأعدوا على ذلك ، وإذا سمعوا أن الأعداء قد اجتمعوا ، وأعدوا للحرب أخبروا بذلك ضعفة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليمتنعوا عن الخروج إليهم . فقال الله عز وجل : ولو ردوه إلى الرسول } حتى كان هو/105-أ خبرهم عن ذلك ، وردوه{[6077]} إلى أولي الأمر منهم ، ليخبروا بذلك ، والله أعلم . ثم اختلف في { ولو ردوه إلى الرسول } قيل : هم أمراء السراي ، وقيل : هم( العلماء والفقهاء ) {[6078]}{ الذين يستنبطونه منهم } الذين يطلبون علمه بقوله . وقيل : { أولى الأمر منهم } ههنا مثل أبي بكر وعمر وثمان وعلي رضي الله عنهم{ لعلمه الذين يستنبطونه منهم } أي يستخرجون من كتاب الله تعالى . وقيل : { أولي الأمر منهم } ولاة الأمر{ الذين يستنبطونه } والذين{ أذاعوا به } قوم إما منافقون ، وإما مؤمنون على ما ذكرنا ، إنما هو { أذاعوا به } إلا قليلا منهم{ ولولا فضل الله عليكم } الآية{[6079]} .
وقوله تعالى : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا } اختلف فيه ؛ قيل : { فضل الله } رسولنا ( محمد- عليه أفصل الصلوات- ){[6080]} { ورحمته } القرآن . تأويله : لولا محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن لتبعوا الشيطان إلا قليلا منهم لم يتبعوه ، ولكن آمنوا بالعقل . وقيل : { ولولا فضل الله عليكم ورحمته } في الأمر والنهي عن الإذاعة والإفشاء ، وإلا( لأذاعوا به ){[6081]} ، واتبعوا الشيطان في إذاعتهم به إلا قليلا منهم ، فإنهم{[6082]} لا يذيعون به .
وعن الضحاك( أنه ){[6083]} قال : ( هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا حدثوا أنفسهم بأمور من أمور الشيطان إلا طائفة منهم لم يحدثوا بها أنفسهم ) .
وقال آخرون : هم المنافقون ؛ كانوا إذا بلغهم أن الله تعالى أظفر المسلمين على المشركين ، وفتح عليهم ، صغروه ، وحقروه . وإذا بلغهم أن المسلمين نكبوا شنعوه ، وعظموه .
وعن ابن عباس رضي الله عنه : { إلا قليلا }منهم ( أنه ){[6084]} يقول : ( لعلم{[6085]} الأمر الذين استثنى الله عز وجل حين قال إبليس – لعنه الله- : { لأحتنكن ذريته إلا قليلا } ( الإسراء : 62 )وحين قال : { ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين } )( الحجر : 39-40 ) .
وقال غيرهم : ما ذكر على التقديم والتأخير : وإذا جاءهم أمر من الأمن والخوف أذاعوا به إلا قليلا منهم ، والله أعلم بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.