الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا} (83)

قوله : ( وَإِذَا جَاءَهُمُ أَمْرٌ مِّنَ الاَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ) الآية [ 83 ] .

هذا خبر من الله عز وجل هؤلاء المنافقين الذين يبيتون غير ما يقول القرآن إذا جاءهم [ خبر ]( {[12993]} ) من سرية غزت( {[12994]} ) للمسلمين أنهم آمنون من عندهم ، ( أو )( {[12995]} ) أنهم خائفون : صحيح أو غير صحيح ، لم يتوقفوا( {[12996]} ) حتى يصح( {[12997]} ) ، ويثبت ، وأفشوه في الناس .

وقوله : ( أَذَاعُوا بِهِ ) أي : أفشوا ( ونشروا )( {[12998]} ) وأسمعوا( {[12999]} ) به ، وأعلنوه كان خيراً أو شراً فبثوه في الناس قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقوله : ( وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الاَمْرِ مِنْهُمْ ) أي : ولو ردوا الأمر الذي( {[13000]} ) جاءهم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم حتى يكون هو الذي يخبر الناس به إن كان صحيحاً ، ويسكت عنه إن كان سقيماً ( وَإِلَى أُوْلِي الاَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ) أي : ليعلموا صحته وسقمه فيخبرون الناس بالصحيح( {[13001]} ) .

والهاء في ( بِهِ ) وفي ( لَعَلِمَهُ ) و( يَسْتَنْبِطُونَهُ ) للأمر( {[13002]} ) ، وقيل : للخوف( {[13003]} ) ، وقيل : عليهما جميعاً ، واكتفى بالتوحيد عن التثنية .

ومعنى : ( يَسْتَنْبِطُونَهُ ) أي : يبحثون عن صحته ، ويستخرجونه . والهاء والميم في " منهم " تعود على أولي الأمر أي : ليعلم ذلك من أولي الأمر من يستنبطه أي : يبحث عن صحته ويستخرجها .

يقال : استنبطت الركية : استخرجت ماءها( {[13004]} ) وسمي النبط نبطاً لاستنباط الماء . أي : استخراجهم الماء ، والنبط : الماء المستخرج من الأرض .

وقيل : إن الذين عنوا بذلك ضعفة المسلمين كانوا يسمعون من المافقين أخباراً غير( {[13005]} ) صحيحة فيفشونها فعذلهم الله على ذلك ، وأمرهم برد ما سمعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأولي الأمر فيعلمون صحة ما قيل من سقمه ، ويعرفون كذبه من صحته( {[13006]} ) بالاستنباط( {[13007]} ) .

وقوله : ( وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ) أي : لولا نعمته( {[13008]} ) عليكم بأن عافاكم مما ابتُلي به هؤلاء المنافقون الذين وصفهم بالتبييت والخلاف ( لَاتَّبَعْتُمُ( {[13009]} ) الشَّيْطَانَ ) وهو خطاب للذين قال لهم ( خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ ) .

وقوله : ( إِلاَّ قَلِيلاً ) الآية [ 83 ] .

هو استثناء من المستنبطين قاله قتادة( {[13010]} ) ، وهو قول الزجاج واختياره( {[13011]} ) .

وقال ابن عباس هو استثناء من قوله : ( أَذَاعُوا بِهِ ) ( إِلاَّ قَلِيلاً ) فهو استثناء من الإذاعة( {[13012]} ) ، وهو قول الأخفش( {[13013]} ) والكسائي وأبي عبيدة ، وأبي حاتم( {[13014]} ) [ وأبي عبيد ]( {[13015]} ) وجماعة( {[13016]} ) من النحويين( {[13017]} ) ، وهو اختيار الطبري( {[13018]} ) .

وقال الضحاك : هو استثناء من ( لاَتَّبَعْتُمُ( {[13019]} ) الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ) وهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي( {[13020]} ) لم يهموا باتباع الشيطان كما هم( {[13021]} ) الذين استنقدهم الله( {[13022]} ) .

ومعنى ( أَذَاعُوا بِهِ ) وأذاعوه سواء ، قاله الكسائي( {[13023]} ) .


[12993]:- ساقط من (أ).
[12994]:- (ج): ندت، (د): غدت.
[12995]:- ساقط من (ج).
[12996]:- (د): لم يتوا بتوا قفوا.
[12997]:- (د): فصح.
[12998]:- (أ): وانشروا.
[12999]:- ساقط من (ج).
[13000]:- (أ) (ج): التي.
[13001]:- انظر: جامع البيان 5/180.
[13002]:- (أ): الأمر، (ج): للأمن. وانظر: القطيع: 258-259.
[13003]:- انظر: جامع البيان 5/180.
[13004]:- اللسان نبط 7/410.
[13005]:- (د): عند وهو خطأ.
[13006]:- (د): صحيحة.
[13007]:- انظر: جامع البيان 5/180، ومعاني الزجاج 2/83.
[13008]:- (د): نعمة.
[13009]:- (د): لا يتعتم.
[13010]:- انظر: جامع البيان 5/181.
[13011]:- انظر: معاني الزجاج 2/83.
[13012]:- انظر: جامع البيان 5/183.
[13013]:- معاني الأخفش 1/481.
[13014]:- (د): وأوبي حاتم.
[13015]:- (أ): وأبي عبيدة.
[13016]:- ساقط من (ج.
[13017]:- انظر: إعراب النحاس 1/439.
[13018]:- انظر: جامع البيان 5/184.
[13019]:- (أ) (ج): تبعتم.
[13020]:- (د): الذين لم يسعوا.
[13021]:- (ج): كم هم.
[13022]:- انظر: جامع البيان 5/184.
[13023]:- عن القطع: 259.