قوله تعالى : { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف . . . } [ النساء :83 ] .
قال جُمْهور المفسِّرين : إن الآيةَ من المنافِقِينَ حَسْبما تقدَّم ، والمعنى : أنَّ المنافقين كانوا يتشوَّقون إلى سماعِ ما يُسِيءُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فإذا طَرَأَتْ لهم شبهةُ أَمْنٍ للمسلمينَ ، أو فَتْحٍ عليهم ، حَقَّرُوهَا وصَغَّروا شأنَها ، وأذاعوا ذلك التحْقيرَ والتَّصْغِيرَ ، وإذا طرأت لهم شُبْهَةُ خوفٍ للمسْلِمينَ أو مُصِيبةٍ ، عَظَّموها ، وأذاعوا ذلك ، و{ أَذَاعُواْ بِهِ } : معناه أَفْشَوْهُ ، وهو فِعْلٌ يتعدى بحرفِ الجَرِّ وبنفسه أحياناً .
وقالت فرقة : الآية نزلَتْ في المنافقين ، وفِيمَنْ ضَعُفَ جَلَدُه ، وقَلَّتْ تجْرِبَتُهُ مِنَ المؤمنين ، وفي الصحيحِ مِنْ حديثِ عُمَرَ بْنِ الخطَّاب ( رضي اللَّه عنه ) ، أنه جَاءَ ، وَقَوْمٌ فِي المَسْجِدِ ، يَقُولُونَ : طَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نِسَاءَهُ ، ثُمَّ قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ ؟ فَقَالَ : لاَ ، قَالَ عُمَرُ : فَقُمْتُ على بَابِ المَسْجِدِ ، فَقُلْتُ : أَلاَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُطَلِّقْ نِسَاءَهُ ، فأنزَلَ اللَّه تعالى هذه الآيةَ { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأمن أَوِ الخوف . . . } الآية ، قال : وَأَنَا الَّذِي استنبطته .
وقوله تعالى : { وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول . . . } [ النساء :83 ] .
المعنى : لو أمسكوا عن الخَوْض ، واستقصوا الأمرِ مِنْ قِبَلِ الرسولِ ، و( أولِي الأمْر ) ، وهم الأَمَرَاءُ والعُلَمَاءُ ، لَعَلِمَهُ طُلاَّبُهُ مِنْ أُولِي الأمْرِ ، والبَحَثَةِ عنه ، وهم مستنْبِطُوهُ ، كَمَا يُسْتَنْبَطُ الماءُ ، وهو استخراجه مِنَ الأرْضِ .
وقوله سبحانه : { وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ }[ النساء :83 ] .
خِطَابٌ لجميعِ المؤمنينَ ، باتفاقٍ من المتأوِّلين ، وقوله { إِلاَّ قَلِيلاً } هو مستثنى في قول جماعةٍ من قوله : { لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً } ، وقال ابن عَبَّاس ، وابن زَيْدٍ : ذلك مستثنًى من قوله : ( أَذَاعُوا بِهِ ) ( إلاَّ قليلاً ) ورجَّحه الطبريُّ ، وقال قتادة : وهو مستثنًى من قوله : ( يستنبطُونَهُ إلا قليلاً ) .
( ت ) : قال الدَّاوُديُّ : قال أبو عُبَيْدة : وإنما كَرِهَ العلماءُ أنْ يجعلوا الاِستثناءَ مِنْ قوله : { لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً } ، لأنَّه لا وَجْهَ له ، فإنَّه لولا فَضْلُ اللَّهِ ورحْمَتُهُ ، لاتبعوا الشيْطَانَ كلُّهم ، انتهى وهو حَسَنٌ . وأما قوله : ( لا وَجْهَ له ) ، ففيه نظَرٌ ، فقد وجَّهه العلماءُ بما لا نُطِيلُ ذكْره .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.