التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَإِذَا جَآءَهُمۡ أَمۡرٞ مِّنَ ٱلۡأَمۡنِ أَوِ ٱلۡخَوۡفِ أَذَاعُواْ بِهِۦۖ وَلَوۡ رَدُّوهُ إِلَى ٱلرَّسُولِ وَإِلَىٰٓ أُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ ٱلَّذِينَ يَسۡتَنۢبِطُونَهُۥ مِنۡهُمۡۗ وَلَوۡلَا فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهُۥ لَٱتَّبَعۡتُمُ ٱلشَّيۡطَٰنَ إِلَّا قَلِيلٗا} (83)

قوله تعالى : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم )

قال مسلم : حدثني زهير بن حرب . حدثنا عمر بن يونس الحنفي . حدثنا عكرمة بن عمار عن سماك أبي زميل . حدثني عبد الله بن عباس . حدثني عمر بن الخطاب قال : لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه قال : دخلت المسجد . فإذا الناس ينكتون بالحصى و يقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه . وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب . فقال عمر : فقلت : لأعلمن ذلك اليوم . قال : فدخلت على عائشة .

فقلت يا بنت أبى بكر ! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ . فقالت : مالي ومالك يا ابن الخطاب ؟ عليك بعيبتك . قال : فدخلت على

حفصة بنت عمر . فقلت لها : يا حفصة  ! أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ و الله ! لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحبك . ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبكت أشد البكاء . فقلت لها : أين رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت : هو في خزانته في المشربه . فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على أسكفة المشربة . مدل رجليه على نقير من خشب . وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وينحدر . فناديت : يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فنظر رباح إلى الغرفة . ثم نظر إلي . فلم يقل شيئا . ثم قلت : يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فنظر رباح إلى الغرفة . ثم نظر إلي . فلم يقل شيئا .

ثم رفعت صوتي فقلت : يا رباح ! استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإني أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظن أني جئت من أجل حفصة . و الله ! لئن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقها لأضربن عنقها . ورفعت صوتي . فأومأ إلي أن ارقه . فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على حصير . فجلست . فأدنى عليه إزاره . وليس عليه غيره . وإذا الحصير قد أثر في جنبه . فنظرت ببصري في خزانة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع . ومثلها قرظا في ناحية الغرفة . و إذا أفيق معلق . قال : فابتدرت عيناي . قال : " ما يبكيك ؟ يا ابن الخطاب " ! قلت : يا نبي الله ! ومالي لا أبكي ؟ وهذا الحصير قد أثر في جنبك . وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى . وذاك قيصر وكسرى في الثمار والأنهار . وأنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوته . وهذه خزانتك فقال : " يا ابن الخطاب  ! ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا « ؟ . قلت : بلى . قال ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب . فقلت : يا رسول الله ما يشق عليك من شأن النساء ؟ فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكائيل ، وأنا وأبو بكر و المؤمنون معك . وقلما تكلمت ، وأحمد الله ، بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول . ونزلت هذه الآية . آية التخيير( عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن ) ( 26/التحريم /5 ) . ( وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه و جبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير ) ( 66/التحريم /4 ) وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ! أطلقتهن . قال : لا «قلت : يا رسول الله ! إني دخلت المسجد والمسلمون ينكتون بالحصى . يقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه . أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن ؟ " قال نعم إن شئت »فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه . وحتى كشر فضحك . وكان من أحسن الناس ثغرا . ثم نزل نبي الله صلى الله عليه وسلم ونزلت . فنزلت أتشبث بالجذع ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده . فقلت : يا رسول الله : قال : إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين . قال : " إن الشهر يكون تسعا وعشرين «فقمت على باب المسجد . فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه . ونزلت هذه الآية : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر . وأنزل الله عز وجل آية التخيير .

( الصحيح 2/1105 ح 1479- ك الطلاق ، ب في الإيلاء واعتزال النساء . . . ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله : ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ) يقول سارعوا به وأفشوه .

أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن قتادة قوله ( ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم ) يقول : إلى علمائهم .

أخرج ابن أبى حاتم بسنده الجيد عن أبى العالية قوله ( لعلمه الذين يستنبطونه منهم ) قال الذين يتتبعونه ويتجسسونه .

قوله تعالى ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا )

أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : ( ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ) فهو في أول الآية لخبر المنافقين ، قال ( وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ) إلا قليلا ، يعني بالقليل «المؤمنين " .