روى مسروق عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها قالت : من حدثك أنّ محمداً كتم شيئاً مما أنزل الله فقد كذب وهو يقول :
{ يا أيها الرسول بلغ } جميع { ما أنزل إليك من ربك } أي : لا تكتم شيئاً منه خوفاً أن تنال بمكروه { وإن لم تفعل } أي : وإن لم تبلغ جميع ما أنزل إليك { فما بلغت رسالته } أي : لأنّ كتمان بعضها ككتمان كلها أي : ولأنّ بعضها ليس بالأولى بالأداء من بعض فإذا لم تؤدّ بعضها فكأنك أغفلت أداءها جميعاً ، كما أن من لم يؤمن ببعضها كان كمن لم يؤمن بكلها ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : إن كتمت آية لم تبلغ رسالتي واختلف في سبب نزول هذه الآية فقيل : نزلت في عتب اليهود وذلك أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم دعاهم إلى الإسلام فقالوا : أسلمنا قبلك وجعلوا يستهزؤون به ويقولون : تريد أن نتخذك حناناً كما اتخذت النصارى عيسى حناناً فلما رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم ذلك نزلت هذه الآية وقيل : نزلت في الجهاد وذلك أنّ المنافقين كانوا يكرهونه فكان يمسك أحياناً من حثهم على الجهاد وقيل : لما نزلت آية التخيير وهي قوله تعالى : { يا أيها النبيّ قل لأزواجك } ( الأحزاب ، 28 ) فلم يعرضها عليهنّ خوفاً من اختيارهنّ الدنيا فنزلت وقيل غير ذلك وقرأ نافع وابن عامر وشعبة بألف بعد اللام وكسر التاء والباقون بغير ألف ونصب التاء { والله يعصمك من الناس } أي : يحفظك ويمنعك منهم .
فإن قيل : أليس قد شج وجهه وكسرت رباعيته صلى الله عليه وسلم وأوذي بضروب من الأذى ؟ أجيب : بأنّ معناه يعصمك من القتل فلا يصلون إلى قتلك ، وفي هذا تنبيه على أنه يجب عليه أن يحتمل كل ما دون النفس من أنواع البلايا فما أشدّ تكليف الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وقيل : نزلت هذه الآية بعدما شج رأسه لأنّ سورة المائدة من آخر ما نزل من القرآن .
وروى إسحاق بن راهويه في مسنده عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( بعثني الله برسالاته فضقت بها ذرعاً فأوحى الله إليّ إن لم تبلغ رسالاتي عذبتك وضمن لي العصمة فقويت ) وعن أنس رضي الله تعالى عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت فأخرج رأسه من قبة أدم فقال : ( انصرفوا يا أيها الناس فقد عصمني الله من الناس ) قال البيضاويّ وظاهر الآية يوجب تبليغ كل ما أنزل ولعل المراد بالتبليغ ما يتعلق به مصالح العباد وقصد بإنزاله اطلاعهم عليه فإن من الأسرار الإلهية ما يحرم إفشاؤه اه .
قال بعض العارفين : ولهذا قال تعالى : { بلغ ما أنزل إليك } ولم يقل ما تعرّفنا به إليك ، واعلم أنّ المراد من الناس ههنا الكفار بدليل قوله تعالى : { إنّ الله لا يهدي القوم الكافرين } أي : لا يمكنهم مما يريدون .
وروي ( أنه عليه الصلاة والسلام نزل تحت شجرة في بعض أسفاره وعلق سيفه عليها فأتاه أعرابيّ وهو نائم وأخذ سيفه واخترطه وقال : من يمنعك مني يا محمد ؟ قال : «الله تعالى » فرعدت يد الأعرابيّ وسقط من يده وضرب رأسه الشجرة حتى انتثر دماغه ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.