السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَءُلۡقِيَ ٱلذِّكۡرُ عَلَيۡهِ مِنۢ بَيۡنِنَا بَلۡ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٞ} (25)

ثم استدلوا بأمر آخر ساقوه مساق الإنكار فقالوا : { أألقي } أي : أنزل { الذكر } أي : الوحي الذي يكون به الشرف الأعظم بغتة في سرعة { عليه } لأنه لم يكن عندهم في مضمار هذا الشأن ، ولا توسموا فيه قبل إشارته به شيئاً منه بل أتاهم به بغتة في غاية الإسراع ودلوا على وجه التعجب والإنكار بالاختصاص بقولهم : { من بيننا } أي : وفينا من هو أولى بذلك منه سنا وشرفاً ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو : بتحقيق الهمزة الأولى المفتوحة وتسهيل الثانية المضمومة كالواو ، وأدخل قالون وأبو عمرو بينهما ألفا بخلاف عن أبي عمرو ولم يدخل ورش وابن كثير ألفا ، وأمّا هشام فله تسهيل الثانية وتحقيقها وإدخال الألف بينهما مع التحقيق ، والباقون بتحقيقهما مع عدم الإدخال ، وإذا وقف حمزة فله في الثانية التسهيل وإبدالها واواً والتحقيق .

ثم أضربوا عن ذلك الاستفهام لأنه بمعنى النفي بقولهم : { بل هو كذاب } أي : بليغ في الكذب في قوله إنه أوحى إليه ما ذكر { أشر } أي : متكبر بطر غلبت عليه البطالة حتى أعجبته نفسه فتجبر فهو يريد الترفع .