{ فَبِمَا رَحْمَةٍ منَ الله لِنتَ لَهُمْ } تلوينٌ للخطاب وتوجيهٌ له إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والفاءُ لترتيب مضمونِ الكلامِ على ما يُنبئ عنه السياقُ من استحقاقهم لِلائمة والتعنيفِ بموجب الجِبلَّةِ البشرية ، أو من سَعة ساحةِ مغفرتِه تعالى ورحمتِه ، والباءُ متعلِّقة بلنتَ قُدِّمت عليه للقصر ، وما مزيدةٌ للتوكيد ، أو نكرةٌ و { رَحْمَةً } بدلٌ منها مُبينٌ لإبهامها ، والتنوينُ للتفخيم ومِنْ متعلقةٌ بمحذوف وقع صفةً لرحمةٍ أي فبرحمةٍ عظيمة لهم كائنةٍ من الله تعالى ، وهي ربطُه على جأشه وتخصيصُه بمكارم الأخلاقِ ، كنتَ ليِّنَ الجانبِ لهم وعامَلْتَهم بالرفق والتلطّفِ بهم حيث اغتمَمْتَ لهم بعد ما كان منهم ما كان من مخالفة أمرِك وإسلامِك للعدو . { وَلَوْ } لم تكن كذلك بل { كُنْتَ فَظّاً } جافياً في المعاشرة قولاً وفعلاً ، وقال الراغبُ : الفَظُّ هو الكَرِيهُ الخلُقِ . وقال الواحديُّ : هو الغليظُ الجانبِ السيئ الخلُق { غَلِيظَ القلب } قاسِيَه ، وقال الكلبي : فظَّاً في القول غليظَ القلبِ في الفعل ، { لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ } لَتفرَّقوا من عندك ولم يسكُنوا إليك وتردَّوْا في مهاوي الردى والفاء في قوله عز وجل : { فاعف عَنْهُمْ } لترتيب العفوِ أو الأمرِ به على ما قبله ، أي إذا كان الأمرُ كما ذُكر فاعفُ عنهم فيما يتعلق بحقوقك كما عفا الله عنهم { واستغفر لَهُمُ } الله فيما يتعلق بحقوقه تعالى إتماماً للشفقة عليهم وإكمالاً للبِرّ بهم { وَشَاوِرْهُمْ في الأمر } أي في أمر الحربِ إذ هو المعهودُ ، أو فيه وفي أمثاله مما تجري فيه المشاورةُ عادةً استظهاراً بآرائهم وتطييباً لقلوبهم وتمهيداً لسُنّة المشاورةِ للأُمة . وقرئ وشاورهم في بعض الأمر . { فَإِذَا عَزَمْتَ } أي عَقيبَ المشاورةِ على شيء واطمأنتْ به نفسُك { فَتَوَكَّلْ عَلَى الله } في إمضاء أمرِك على ما هو أرشدُ لك وأصلحُ ، فإن عِلمَه مختصٌّ به سبحانه وتعالى . وقرئ فإذا عزمتُ على صيغة التكلّم أي عزمتُ لك على شيء وأرشدتُك إليه فتوكلْ عليَّ ولا تشاوِرْ بعد ذلك أحداً ، والالتفاتُ لتربية المهابةِ وتعليلِ التوكلِ أو الأمرِ به فإن عنوانَ الألوهيةِ الجامعةِ لجميع صفاتِ الكمالِ مستدعٍ للتوكل عليه تعالى أو الأمرِ به { إِنَّ الله يُحِبُّ المتوكلين } عليه تعالى فينصُرهم ويُرشِدهم إلى ما فيه خيرُهم وصلاحُهم . والجملةُ تعليلٌ للتوكل عليه تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.