وقولُه تعالى : { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلاَ أبصاركم وَلاَ جُلُودُكُمْ } حكايةٌ لما سيقالُ لهُمْ يومئذٍ من جهتهِ تعالى بطريقِ التوبيخ والتقريعِ تقريراً لجوابِ الجلودِ أي ما كنتُم تستترونَ في الدُّنيا عند مباشرتِكم الفواحشَ مخافةَ أن تشهدَ عليكُم جوارِحُكُم بذلكَ كما كنتُم تستترونَ من الناسِ مخافةَ الافتضاحِ عندهم بلْ كنتُم جاحدينَ بالبعثِ والجزاءِ رأساً { ولكن ظَنَنتُمْ أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً ممَّا تَعْمَلُونَ } من القبائحِ المخفيةِ فلا يُظهرها في الآخرةِ ولذلكَ اجترأتُم على ما فعلتُم ، وفيهِ إيذانٌ بأنَّ شهادةَ الجوارحِ بإعلامِه تعالَى حينئذٍ لا بأنَّها كانتْ عالمةً بما شهدتْ به عند صدورِه عنهم . عن ابنِ مسعودٍ رضيَ الله عنه : كنتُ مستتراً بأستارِ الكعبةِ فدخلَ ثلاثةُ نفرٍ ، ثقفيانِ وقرشيٌّ ، أو قرشيانِ وثقفيٌّ فقال أحدُهم أترونَ أنَّ الله يسمعُ ما نقولُ قال الآخرُ يسمعُ إنْ جهَرنا ، ولا يسمعُ أنْ أخفينَا فذكرتُ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فأنزلَ الله تعالَى : { وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ } الآيةَ . فالحكمُ المحكيُّ حينئذٍ يكونُ خاصَّاً بمن كانَ على ذلكَ الاعتقادِ من الكَفَرةِ ، ولعلَّ الأنسبَ أنْ يرادَ بالظنِّ مَعْنى مجازيٌّ يعمُّ معناهُ الحقيقيَّ ومَا يَجري مَجراهُ من الأعمالِ المنبئةِ عنْهُ كما في قولِه تعالَى : { يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } [ سورة الهمزة ، الآية3 ] ليعمَّ ما حُكي من الحالِ جميَع أصنافِ الكَفَرةِ فتدبرْ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.