{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله } استئنافٌ ناعٍ عليهم تثاقلَهُم في أمورِ الدِّينِ ورخاوةِ عقدِهم فيها واستبطاءٌ لانتدابِهم لما نُدبوا إليهِ بالترغيبِ والترهيبِ . ورُويَ أنَّ المؤمنينَ كانُوا مُجْدبين بمكةَ فلمَّا هاجرُوا أصابُوا الرزقَ والنعمةَ وفترُوا عمَّا كانُوا عليهِ فنزلتْ . وعن ابن مسعودٍ رضيَ الله عنْهُ : ما كانَ بينَ إسلامِنا وبينَ أنْ عُوتبنا بهذهِ الآيةِ إلا أربعُ سنينَ . وعنِ ابنِ عبّاسٍ رضيَ الله تعالَى عنُهمَا أنَّ الله استبطأَ قلوبَ المؤمنينَ فعاتَبهُم على رأسِ ثلاثَ عشرةَ سنةً من نزولِ القُرآنِ أيْ ألم يجئ وقتُ أنْ تخشعَ قلوبُهم لذكرِه تعالَى وتطمئنَ به ويسارعُوا إلى طاعتِه بالامتثال بأوامره والانتهاءِ عمَّا نُهوا عنهُ منْ غير توانٍ ولا فتورٍ منْ أنى الأمرُ إذَا جاءَ أناهُ أي وقته . وقُرِئَ ألم يئِنْ من آنَ يئينُ بمعنى أنَى ، وقُرِئَ ألمَّا يانِ ، وفيهِ دلالةٌ على أنَّ المنفَي متوقعٌ . { وَمَا نَزَلَ مِنَ الحق } أي القرآنِ وهو عطفٌ على ذكرِ الله فإنْ كانَ هُو المرادَ به أيضاً فالعطفُ لتغايرِ العُنوانينِ فإنَّه ذكرٌ وموعظةٌ كما أنَّه حقٌّ نازلٌ منَ السماءِ ، وإلاَّ فالعطفُ كما في قولِه تعالى : { إِنَّمَا المؤمنون الذين إِذَا ذُكِرَ الله وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياته زَادَتْهُمْ إيمانا } [ سورة الأنفال ، الآية 2 ] ومَعْنى الخشوعِ له الانقيادُ التامُّ لأوامره ونواهيِه والعكوفُ على العملِ بما فيهِ من الأحكامِ التي من جُمْلتها ما سبقَ وما لحقَ من الإنفاقِ في سبيلِ الله تعالى . وقُرِئَ نزل من التنزيلِ مبنياً للفاعلِ وأنزلَ { وَلاَ يَكُونُوا كالذين أُوتُوا الكتاب مِن قَبْلُ } عطفٌ على تخشعَ . وقُرِئَ بالتاءِ على الالتفاتِ ؛ للاعتناءِ بالتحذيرِ ، وقيلَ : هو نهيٌ عن مماثلةِ أهلِ الكتابِ في قسوةِ القلوبِ بعد أنْ وبخوا وذلك أنَّ بني إسرائيلَ كانَ الحقُّ يحولُ بينَهُم وبينَ شهواتِهم وإذَا سمعُوا التوراةَ والإنجيلَ خشعُوا لله ورقَّتْ قلوبُهم { فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمد } أي الأجلُ . وقُرِئَ الأمدُّ بتشديدِ الدالِ ، أي الوقتُ الأطولُ وغلبهم الجفاءُ وزالتْ عنْهم الروعةُ التي كانتْ تأتيهُم من الكتابينِ { فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ } فهيَ كالحجارةِ أو أشدُّ قسوةً { وَكَثِيرٌ منْهُمْ فاسقون } أي خارجونَ عن حدودِ دينهم رافضونَ لما في كتابِهم بالكُلِّيةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.