الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا} (11)

{ وَيَدْعُ الإِنْسَانُ } حذفت الواو هنا في اللفظ والخط ولم يحذف في المعنى لأنها في موضع رفع وكان حذفها باستقالتها اللام الساكنة كقوله

{ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ } [ العلق : 18 ]

{ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ } [ الشورى : 24 ] ، و

{ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ } [ النساء : 146 ] ( وينادي المنادي )

{ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ } [ القمر : 5 ] ومعنى الآية ويدع الانسان على [ ماله وولده ونفسه بالسوء ] وقوله عند الضجر والغضب : اللهم العنه اللهم أهلكه { دُعَآءَهُ بِالْخَيْرِ } أي كدعائه ربه أن يهب له العافية والنعمة ويرزقه السلامة في نفسه وماله وولده [ بالشر لهلك ] ولكن الله بفضله لا يستجيب له في ذلك ، نظيره قوله تعالى

{ وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ } [ يونس : 11 ] { وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً } عجلاً بالدعاء على مايكره أن يستجاب له فيه .

قال مجاهد وجماعة من المفسرين ، وقال ابن عبّاس : [ يريد ] ضجراً لا صبراً له على سراء ولا ضرّاء .

وقال قوم من المفسرين : أراد الانسان آدم .

قال سلمان الفارسي : أول ما خلق الله من آدم رأسه ، فجعل ينظر وهو يخلق جسده فلما كان عند العصر بقيت رجلاه لو يبث فيها الروح ، فقال : يارب عجّل قبل الليل فذلك قوله { وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً } .

وروى الضحاك عن ابن عبّاس قال : لما خلق الله رأس آدم نظر إلى جسده فأعجبه ، فذهب لينهض فلم يقدر ، فهو قول الله { وَكَانَ الإِنْسَانُ عَجُولاً } [ وقيل : المراد آدم فإنه لما اهتدى للصح إلى سترته ذهب لينهض فسقط ، يروى أنه علم وقع أسيراً إلى سودة بنت زمعة فرحمته لأنينه فأرخت من كتافه فهرب فدعا النبي عليها بقطع اليد ثم ندم فقال : اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي رحمة له فنزلت هذه الآية ]