الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَكُلَّ إِنسَٰنٍ أَلۡزَمۡنَٰهُ طَـٰٓئِرَهُۥ فِي عُنُقِهِۦۖ وَنُخۡرِجُ لَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ كِتَٰبٗا يَلۡقَىٰهُ مَنشُورًا} (13)

{ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ } قال ابن عباس : وما قدر عليه [ من خير وشر ] فهو ملازمه أينما كان .

الكلبي ومقاتل : خيره وشره معه لايفارقه حتّى يحاسب به [ وتلا الحسن : { عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ } ] ثمّ قال يا بن آدم بسطت لك صحيفتك ووكل بك ملكان أحدهما عن يمينك والآخر [ عن يسارك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك ، وأما الذين عن شمالك فيحفظ سيئاتك فاعمل ما شئت أقلل أو أكثر حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك في قبرك حتى تخرج يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً ] .

مجاهد : عمله ورزقه ، وعنه : ما من مولود يولد إلاّ وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد .

وقال أهل المعاني : أراد بالطائر ما قضى عليه [ أنه ] عامله في ماهو صائر إليه من سعادة أو شقاوة ، وإنّما عبر عنه بالطائر على عادة العرب كما كانت تتفاءل به أو تتشاءم من سوانح الطير وبوارحها .

أبو عبيد والعيني : أراد بالطائر حظه من الخير والشر عن قولهم طار منهم فلان بكذا أيّ جرى له الطائر بكذا .

وقرأ الحسن ومجاهد وأبو رجاء : طائره في عنقه بغير ألف وإنّما خص عنقه دون سائر أعضائه ، لأن العنق موضع السمات وموضع القلائد والأطراف وغير ذلك مما يشين أو يزين ، فجرى كلام العرب [ بنسبة الأشياء اللازمة ] إلى الأعناق فيقولون هذا في عنقي حتّى أخرج منه وهذا الشيء [ لازم صليت ] عنقه .

{ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَاباً } قرأ الحسن ومجاهد وابن محيصن ويعقوب : ويخرج بفتح الياء وضم الراء على معنى ويخرج له الطائر يوم القيامة كتاباً نصب كتاباً على الحال ، ويحتمل أن يكون معناه ويخرج له الطائر فيصير كتاباً .

وقرأ أبو جعفر : ويخرج بضم الياء وفتح الراء على غير تسمية الفاعل ومجازه ويخرج له الطائر كتاباً .

وقرأ يحيى بن وثاب : ويخرج أيّ ويخرج الله .

وقرأ الباقون : بنون مضمومة وكسر الراء على معنى ونحن نخرج له يوم القيامة كتاباً ونصب كتاباً بإيقاع الاخراج عليه واحتج أبو عمرو لهذه القراءة بقوله الزمناه .

{ يَلْقَاهُ } قرأ أبو عامر وأبو جعفر : تلقاه بضم التاء وتشديد القاف يعني تلقى الانسان ذلك الكتاب أي [ يؤتا ] . وقرأ الباقون : بفتح الياء أي يراه .

{ مَنْشُوراً } نصب على الحال .

عن بسطام بن مسلم قال : سمعت أبا النباج يقول سمعت أبا السوار العدوي يقرأ هذه الآية ثمّ قال : نشرتان وعليه ماحييت يابن آدم فصحيفتك منشورة فاعمل فيها ما شئت ، فإذا مت طويت ثمّ إذا بعثت نشرت .