فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَيَدۡعُ ٱلۡإِنسَٰنُ بِٱلشَّرِّ دُعَآءَهُۥ بِٱلۡخَيۡرِۖ وَكَانَ ٱلۡإِنسَٰنُ عَجُولٗا} (11)

{ وَيَدْعُ الإنسان بالشر } المراد بالإنسان هنا : الجنس ، لوقوع هذا الدعاء من بعض أفراده ، وهو دعاء الرجل على نفسه وولده عند الضجر بما لا يحب أن يستجاب له { دُعَاءهُ بالخير } أي : مثل دعائه لربه بالخير لنفسه ولأهله كطلب العافية والرزق ونحوهما ، فلو استجاب الله دعاءه على نفسه بالشرّ هلك ، لكنه لم يستجب تفضلاً منه ورحمة ، ومثل ذلك { وَلَوْ يُعَجّلُ الله لِلنَّاسِ الشر استعجالهم بالخير } [ يونس : 11 ] . وقد تقدّم ؛ وقيل : المراد بالإنسان هنا القائل هذه المقالة : هو الكافر يدعو لنفسه بالشرّ ، وهو استعجال العذاب دعاءه بالخير كقول القائل : { اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مّنَ السماء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الأنفال : 32 ] . وقيل : هو أن يدعو في طلب المحظور كدعائه في طلب المباح ، وحذفت الواو من { ويدع الإنسان } في رسم المصحف لعدم التلفظ بها لوقوع اللام الساكنة بعدها كقوله : { سَنَدْعُ الزبانية } [ العلق : 18 ] و{ وَيَمْحُ الله الباطل } [ الشورى : 24 ] و{ وَسَوْفَ يُؤْتِ الله المؤمنين } [ النساء : 146 ] ونحو ذلك . { وَكَانَ الإنسان عَجُولاً } أي : مطبوعاً على العجلة ، ومن عجلته : أنه يسأل الشر كما يسأل الخير ؛ وقيل : إشارته إلى آدم عليه السلام حين نهض قبل أن تكمل فيه الروح ، والمناسب للسياق هو الأوّل .

/خ11