الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} (30)

{ قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ } يكفّوا { مِنْ أَبْصَارِهِمْ } عن النظر الى مالا يجوز ، واختلفوا في قوله { مِنْ } فقال بعضهم : هو صلة أي يغضّوا أبصارهم ، وقال آخرون : هو ثابت في الحكم لأنّ المؤمنين غير مأمورين بغضّ البصر أصلا ، وإنّما أُمروا بالغضّ عمّا لا يجوز .

{ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ } عمّن لا يحلّ ، هذا قول أكثر المفسّرين .

وقال ابن زيد : كلّ مافي القرآن من حفظ الفرج فهو عن الزنا إلاّ في هذا الموضع فإنّه أراد الاستتار يعني : ويحفظوا فروجهم حتى لا ينظر إليها .

ودليل هذا التأويل إسقاط من { ذلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ } عليم { بِمَا يَصْنَعُونَ } .

أخبرني ابن فنجويه في داري قال : حدّثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك قال : حدّثنا الحسن بن علي بن زكريا قال : حدّثنا أبو الربيع الزهراني قال : حدّثنا إسماعيل بن جعفر قال : حدّثنا عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن عبادة بن الصامت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اضمنوا لي ستّاً من أنفسكم اضمن لكم الجنة : اصُدقوا إذا حدّثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدّوا ما ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضّوا أبصاركم ، وكفّوا أيديكم " .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدّثنا ابن شيبة قال : حدّثنا الحضرمي قال : حدّثنا عبد الوارث قال : حدّثنا أبي قال : حدّثنا عنبسة بن عبد الرَّحْمن قال : حدّثنا أبو الحسن أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " النظر إلى محاسن المرأة سهم من نبال إبليس مسموم ، فمن ردّ بصره ابتغاء ثواب الله عز وجل أبدله الله بذلك عبادة تسرُّه " .

وأخبرني ابن فنجويه قال : حدَّثنا ابن شنبة قال : حدّثنا الحضرمي قال : حدّثنا سهل بن صالح الأنطاكي قال : حدّثنا أبو داود قال : حدّثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي جعفر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بينما رجل يصلّي إذ مرّت به امرأة فنظر إليها وأتبعها بصره فذهب عيناه " .