الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قُل لِّلۡمُؤۡمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنۡ أَبۡصَٰرِهِمۡ وَيَحۡفَظُواْ فُرُوجَهُمۡۚ ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا يَصۡنَعُونَ} (30)

ثم قال تعالى : { قل للمومنين يغضوا من أبصارهم }[ 30 ] ، أي يكفوا عن نظر ما لا يحل لهم والنظر إليه { ويحفظوا فروجهم }[ 30 ] ، أن يراها من لا يحل له أن يراها . أي يلبسوا ما يسترها عن أبصارهم .

وقيل لا يستمتعون إلا لمن{[48219]} يحل لهم من زوجة أو ملك يمين . ولما كان استعمال الفرج فيما لا يحل منهيا عنه ، لم تدخل " من " فلم يقل ويحفظوا من فروجهم ، {[48220]} ولما كانت النظرة الأولى لا تملك ، قال : { من أبصارهم }[ 30 ] فدخلت " من " {[48221]} للتبعيض .

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن من خير عين تنشر يوم القيامة عين رجل من بني إسرائيل ، بينما هو قائم{[48222]} يصلي نظر إلى{[48223]} امرأة بإحدى عينيه ، فهوى إلى الأرض فأخذ عودا ففقأ به العين التي نظر بها إلى المرأة{[48224]} .

ثم قال : { ذلك أزكى لهم }[ 30 ] ، أي حفظها{[48225]} ، وغض أبصارهم{[48226]} أطهر لهم{[48227]} عند الله ، { إن الله خبير بما / يصنعون }[ 30 ] ، أي ذو خبر{[48228]} بما يصنعون{[48229]} مما أمركم به من غض البصر ، وحفظ الفرج .

قال{[48230]} أبو العالية{[48231]} : كل فرج ذكر في القرآن فهو{[48232]} من الزنا إلا في{[48233]} هذه الآية ، يريد أنه{[48234]} إنما أمروا أن يستروا فروجهم{[48235]} لئلا{[48236]} يراها من لا يحل له رؤيتها{[48237]} .


[48219]:ز: من.
[48220]:انظر: القرطبي 12/223.
[48221]:قال مكي: "من لبيان الجنس وليست للتبعيض". انظر: المشكل 2/511.
[48222]:"قائم" ساقطة من ز.
[48223]:"إلى" ساقطة من ز.
[48224]:أورد الرواية الإمام القرطبي ونسبها إلى الآثار الإسرائيلية، أحكام القرآن 3/379 ولم أجد له أصلا في الكتب الحديثة.
[48225]:بعده في ز: أزكى لهم.
[48226]:ز: أبصارها.
[48227]:ز: لكم.
[48228]:ز: خبير.
[48229]:ز: يصنعون.
[48230]:ز: وقال.
[48231]:أبو العالية: هو رفيع بن مهران الرياحي، مجمع على ثقته، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم. بسنتين، كثير الإرسال، من الثانية مات سنة 90هـ وقيل بعد ذلك. انظر: طبقات ابن سعد 7/112، وسير أعلام النبلاء: 4/207، والتهذيب 3/284-285، والتقريب ص104.
[48232]:بعده في ز: "من غض البصر وحفظ الفرج من الزنا".
[48233]:"في" ساقطة من ز.
[48234]:ز: بأنها.
[48235]:ز: فرجهم.
[48236]:ز: أي لا.
[48237]:انظر: تفسير ابن جرير 18/116، والرازي 23/206، والبحر 6/447، وابن كثير 5/88، والدر المنثور 18/177.