فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا} (77)

{ قُلْ مَا يَعْبََأُ بِكُمْ رَبّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } بيّن سبحانه أنه غنيّ عن طاعة الكلّ ، وإنما كلفهم لينتفعوا بالتكليف ، يقال ما عبأت بفلان : أيّ ما باليت به ، ولا له عندي قدر ، وأصل يعبأ من العبء ، وهو الثقل . قال الخليل : ما أعبأ بفلان : أي ما أصنع به كأنه يستقله ويستحقره ، ويدّعي أن وجوده وعدمه سواء ، وكذا قال أبو عبيدة . قال الزجاج : { مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبّي } يريد : أيّ وزن يكون لكم عنده ؟ والعبء : الثقل ، وما استفهامية أو نافية ، وصرح الفراء بأنها استفهامية . قال ابن الشجري : وحقيقة القول عندي أن موضع «ما » نصب ، والتقدير : أي عبء يعبأ بكم ؟ أي : أيّ مبالاة يبالي بكم ؟ { لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ } : أي لولا دعاؤكم إياه لتعبدوه ، وعلى هذا فالمصدر الذي هو الدعاء مضاف إلى مفعوله ، وهو اختيار الفراء ، وفاعله محذوف ، وجواب لولا محذوف : تقديره لولا دعاؤكم لم يعبأ بكم ، ويؤيد هذا قوله :

/خ77