الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قُلۡ مَا يَعۡبَؤُاْ بِكُمۡ رَبِّي لَوۡلَا دُعَآؤُكُمۡۖ فَقَدۡ كَذَّبۡتُمۡ فَسَوۡفَ يَكُونُ لِزَامَۢا} (77)

قوله : { لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ } : جوابُها محذوفٌ لدلالةِ ما تقدَّم . أي : لولا دعاؤُكم ما عَنَى بكم ولا اكترَثَ . و " ما " يجوزُ أَنْ تكونَ نافيةً . وهو الظاهرُ . وقيل : استفهاميةٌ بمعنى النفي ، ولا حاجةَ إلى التجوُّزِ في شيءٍ يَصِحُّ أَنْ يكونَ حقيقةً بنفسه . و " دعاؤُكم " : يجوز أن يكونَ مضافَاً للفاعلِ أي : لولا تَضَرُّعُكم إليه . ويجوزُ أَنْ يكونَ مضافاً للمفعول أي : لولا دعاؤُه إيَّاكم إلى الهدى . ويقال : ما عَبَأْتُ بك أي : ما اهتَمَمْتُ ولا اكتَرَثْتُ . ويقال : عَبَأْتُ الجيشَ وعَبَّأته أي : هَيَّأْتُه وأَعْدَدْتُه ، والعِبْء : الثِّقَلُ .

قوله : { لِزَاماً } خبرُ " يكون " واسمُها مضمرٌ أي : يكون العذابُ ذا لِزام . واللِّزام : بالكسرِ مصدرٌ كقوله :

فإمَّا يَنْجُوَا مِنْ حَتْفِ أرضٍ *** فقد لَقِيا حُتوفَهما لِزاما

وقرأ المنهال وأبان بن تغلب وأبو السمَّال " لَزاماً " بفتح اللامِ . وهو مصدرٌ أيضاً نحو : البَيات . وقرأ أبو السمَّالَ أيضاً " لَزامِ " بكسر الميم كأنه جَعَله مصدراً معدولاً نحو : " بَدادِ " فبَناه على لغةِ الحجاز فهو معدولٌ عن اللزَمةِ كفَجارِ عن الفَجْرة قال :

إنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بينَنا *** فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجارِ