الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَمۡ يَحۡسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ ءَاتَىٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضۡلِهِۦۖ فَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ ءَالَ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَءَاتَيۡنَٰهُم مُّلۡكًا عَظِيمٗا} (54)

{ أَمْ يَحْسُدُونَ } يعني اليهود { النَّاسَ } : قال قتادة : يعني العرب حسدوهم على النبّوة وبما أكرمهم الله تعالى به محمد صلى الله عليه وسلم عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت علياً ( عليه السلام ) على المنبر في قوله { أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَآ آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } قال : هو رسول الله وأبو بكر وعمر ( عليهم السلام ) .

وقال آخرون : المراد بالناس هنا يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسدوه على ما أحل الله له من النساء ؛ وذلك ما روى علي بن علي عن أبي حمزة الثمالي في قوله { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } يعني بالناس في هذه الآية نبيّ الله ، قالت اليهود : انظروا إلى هذا النبي ، والله ما يشبع من طعام ، لا والله ماله همّ إلاّ النساء ، لو كان نبي لشغله أمر النبوة عن النساء ، فحسدوه على كثرة نسائه وعيّروه بذلك فقالوا : لو كان نبيّاً ما رغب في كثرة النساء ، فأكذبهم الله تعالى فقال : { فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } ، يعني بالحكمة النبوّة .

{ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } فأخبرهم بما كان لداود وسليمان من النساء ، فوبّخهم لذلك ، فأقرت اليهود لنبي الله ( عليه السلام ) أنّه اجتمع عند سليمان ألف امرأة ، ثلثمائة مهرية وسبعمائة سرية ، وعند داود مائة امرأة . فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف امرأة عند رجل ، ومائة امرأة عند رجل أكثر أو تسع نسوة ؟ وكان يومئذ تسع نسوة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكتوا .