وقوله تعالى : { أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله }يقول : بل يحسدون محمدا صلى الله عليه وسلم على ما آتاه الله من فضله من الكتاب ، والنبوة . يقول الله عز وجل ، ردا عليهم : { فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة } فلم يحسدوه ، فكيف يحسدون محمدا صلى الله عليه وسلم ، بما آتاه الله تعالى من الكتاب والنبوة ، وهو من أولاد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ؟ فهذا ، والله أعلم ، معناه .
وقوله تعالى : { وآتيناهم ملكا عظيما } قيل : وأراد الملائكة والجنود . وقيل : هو ملك سليمان بن داوود ، وكان من آل إبراهيم عليه السلام .
وقوله تعالى : { أم يحسدون الناس } يعني محمدا صلى الله عليه وسلم ، { على ما آتاهم الله من فضله } قيل من كثرة النساء . لكن ذلك ليس بحسد ، إنما هو طعن طعنوه ، وعيب عابوه لأن الحسد هو أن الآخر شيئا ليس له فيتمني أن يكون ذلك له دونه ، وقد كان له نساء . لكنه إن كان ذلك فهو طعن طعنوه ، وعيب عابوه على كثرة النساء ، ويقولون : لو كان نبيا لشغلته النبوة عن النساء ، ويقولون يحرم على الناس أكثر من أربع ، ويتزوج تسعا وعشرا ، فأنزل الله تعالى ، عز وجل ، ردا عليهم : { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك } الآية( الرعد : 38 )وكان لداوود تسع وتسعون امرأة . وما قيل أيضا : إن لسليمان {[5733]} عليه السلام ثلاثمئة سرية وسبعمئة حرة {[5734]} .
إن ثبت ذلك فكثرة النساء له لا تمنع ثبوت الرسالة والنبوة ، وإنما تمنع كثرة النساء لأحد شيئين : إما الخوف من الجور وإما العجز عن القيام بإيفاء حقهن . فالأنبياء عليهم السلام ، يؤمن ناحيتهم الجور ، وكانوا يقومون بإيفاء حقهن مع ما كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة لتسع أو لعشر من النساء من آيات النبوة لأنه كان معروفا بالعبادة لله ليلا وبالقيام له نهارا ، ويحتمل الجور وأنواع المشقة تباعا .
ومعلوم في الخلق أن من كان هدا سبيله لم يقدر على وفاء حق امرأة واحدة فضلا أن يقوم بإيفاء{[5735]} حق العشر وأكثر .
وعلى ذلك قيام داوود ، صلوات الله على نبينا وعليه ، [ بإيفاء حق ] {[5736]} مئة من النساء وقيام سليمان ، صلوات الله عليه ، [ بإيفاء الحق ] {[5737]} الألف منهن . فذلك من آيات النبوة لما ذكرنا أنه ليس في وسع أحد سواها القيام بذلك . وكذلك في قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم لإظهار هذا الدين من غير أتباع كان له أو ملك له أو سعة دليل أنه كان بنصر الله وبعوذه به جميع الخلق على دينه .
وفي قوله تعالى : { أم يحسدون الناس على ما } ذكر{ فقد آتينا آل إبراهيم }الآية يحتمل وجهين :
أحدهما : المحاجة : أن كيف يحسدون محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأتباعه من آل إبراهيم وأولاده بما خصهم به من فضله ؟ ولم يزل ذلك في آل إبراهيم ، ولم يكونوا حسدهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.