الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ} (16)

{ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ } قال ابن عباس : سنخطمه بالسيف فنجعل ذلك علامة باقية على أنفه قال : فقاتل يوم بدر : فخطم بالسيف بالقتال ، وقال قتادة : سنخلق به شيئاً ، يقول العرب للرجل يسبّ الرجل سبّة قبيحة باقية : قد وسمه ميسم سوء ، يريدون ألصق به عاراً لا يفارقه ، كما أنّ السمة لا تنمحي ولا يعفو أثرها . قال جرير :

لما وضعت على الفرزدق ميسمي *** وعلى البعيث جدعت أنف الأخطل

أراد به الهجاء .

وقال أبو العالية ومجاهد : سنسمه على أنفه ونسوّد وجهه ، فنجعل له علامة في الآخرة يعرف سواد وجهه ، الضحاك والكسائي : يشكونه على وجهه . وقال حريز بن محمد بن جرير : سنبين أمره بياناً واضحاً حتى يعرفوه ، ما يخفى عليهم كما لا تخفى السمة على الخراطيم . قال الفرّاء : وإن كان الخرطوم قد خص بالسمة ، فإنّه في مذهب الوجه . لأنّ بعض الشيء يعبّر به عن كله ، وقد مرّ هذا الباب .

قال النضر بن شميل : معناه سنحدّه على شربه الخمر ، والخرطوم : الخمر وجمعه خراطيم . وقال الشاعر :

تظل يومك في لهو وفي طرب *** وأنت بالليل شرّاب الخراطيم