الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ} (16)

قوله : { سَنَسِمُهُ } : أي : نجعل له سِمَةً ، أي : علامة يُعْرَفُ بها . قال جرير :

لَمَّا وَضَعْتُ على الفرزدقِ مِيْسَمي *** وعلى البَعيثِ جَدَعْتُ أَنْفَ الأخطلِ

/ والخُرْطُومُ : الأَنْفُ ، وهو هنا عبارةٌ عن الوجهِ كلِّه من [ باب ] التعبيرِ عن الكلِّ بالجزءِ ؛ لأنه أظهرُ ما فيه وأَعلاه . والخُرْطوم أيضاً : الخمرُ وكأنه استعارةٌ لها ؛ لأنَّ الشنتمَريَّ قال : " هي الخمرُ أول ما تَخْرُجُ من الدِّنِّ " ، فجُعِلَتْ كالأَنفِ ؛ لأنه أولُ ما يَبْدُو مِنْ الوجهِ ، فليسَتْ الخرطومُ الخمرَ مطلقاً . ومِنْ مجيءِ الخُرْطومِ بمعنى الخمرِ قولُ علقمةَ ابنِ عبدة :

قد أَشْهَدُ الشَّرْبَ ، فيهم مُزْهِرٌ زَئِمٌ *** والقومُ تصرَعُهمْ صَهْباءُ خُرْطومُ

وأنشد النضر بن شميل :

تَظَلُّ يومَك في لهو وفي لَعِبٍ *** وأنتَ بالليل شَرَّابُ الخَراطيمِ

قال النَّضِرُ : " والخُرطومُ في الآية : هي الخَمْرُ ، والمرادُ : سَنَحُدُّه على شُربِها . وقد استبعدَ الناسُ هذا التفسيرَ .