فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ} (16)

{ سنسمه على الخرطوم } أي سنكويه بالكي على أنفه مهانة له وعلامة يعير بها ما عاش ، قال أبو عبيدة وأبو زيد والمبرد : الخرطوم الأنف ، وتخصيص الأنف بالذكر لأن الوسم عليه أبشع ؛ وفي التعبير عن الأنف بالخرطوم استهجان واستهزاء باللعين ، لأن الخرطوم أنف السباع ، وغالب ما يستعمل في أنف الفيل والخنزير ، وفي القاموس الخرطوم كزنبور الأنف أو مقدمه ، أو ما ضممت عليه الحنكين كالخرطم كقنفذ . وفي السمين هو هنا عبارة عن الوجه كله ، من التعبير عن الكل باسم الجزء ، لأنه أظهر ما فيه وأعلاه ، والأول أولى ، وقد جرح أنف هذا اللعين يوم بدر ، فبقي أثر الجرح في أنفه بقية عمره .

وقال مقاتل سنسمه بالسواد على الأنف ، وذلك أنه يسود وجهه قبل دخول النار ، وقال الزجاج : سنجعل له في الآخرة العلم الذي يعرف به أهل النار من اسوداد وجوههم ، وقال قتادة : سنلحق به شيئا لا يفارقه . واختار هذا ابن قتيبة قال : والعرب تقول قد وسمه ميسم سوء ، يكون ألصق به عارا لا يفارقه . فالمعنى أن الله ألحق به عارا لا يفارقه كالوسم على الخرطوم ، وقيل معنى سنسمه سنحطمه بالسيف ، وقال النضر بن شميل : المعنى سنحده على شرب الخمر ، وقد يسمى الخمر بالخرطوم ، ومنه قول الشاعر :

تظل يومك في لهو وفي طرب وأنت بالليل شراب الخراطيم