غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ} (16)

1

{ سنسمه على الخرطوم } أي الأنف ، وفيه استخفاف به من جهة الوسم ، ومن جهة التعبير عن أنف الآدمي بالخرطوم ، الذي هو أنف الحيوانات المنكرة كالخنزير والفيل ، كما لو عبر عن شفاه الناس بالمشافر ، وعن أيديهم وأرجلهم بالأظلاف والحوافر ، ثم الأنف أكرم موضع من الوجه ، ولهذا قيل : الجمال في الأنف ، وله التقدم ، ولذلك جعلوه مكان العز والحمية ، واشتقوا منه الأنفة . وقالوا : في الذليل " جدع أنفه ورغم أنفه " والوسم في الأنف إهانة فوق إهانة . ومتى هذا الوسم ؟ منهم من قال في الدنيا ، فعن ابن عباس خطم يوم بدر بالسيف فبقيت سمته على خرطومه . وعن النضر بن شميل : الخرطوم الخمر ، أي سنسمه على شربها . وسمي الخمر خرطوماً كما قيل لها السلافة ، وهو ما سلف عن عصير العنب ، أو لأنها تطير في الخياشيم وتؤثر فيها . ومنهم من قال في الآخرة ، نعلمه ، فعبر عن سواد الوجه كله بسواد الخرطوم . ومنهم من قال في الدارين ، أي سنشهره بهذه السمة ، وهي أنّه { حلاف } إلى { زنيم } فلا يخفى كما لا تخفى السمة على الخرطوم . ولا شك أن هذه الأوصاف الذميمة وتبعاتها ، بقيت في حق الوليد بن المغيرة في الدنيا والآخرة ، كالوسم على الأنف والوسم على الجبهة .

/خ51