الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (25)

{ وَاتَّقُواْ فِتْنَةً } أي اختبار وبلاء يصيبكم .

وقال ابن زيد : الفتنة الضلالة { لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } واختلفوا في وجه قوله { لاَّ تُصِيبَنَّ } من الاعراب .

فقال أهل البصرة : قوله ( لا تصيبن ) ليس بجواب ولكنّه نهي بعد أمره ، ولو كان جواباً ما دخلت النون .

وقال أهل الكوفة : أمرهم ثمّ نهاهم وفيه تأويل الجزاء فإن كان نهياً كقوله :

{ أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ } [ النمل : 18 ] . أمرهم ثمّ نهاهم ، وفيه تأويل الجزاء وتقديره : واتقوا الله إن لم تنتهوا أصابتكم .

وقال الكسائي : وقعت النون في الجر بمكان التحذير ، فلو قلت : قم لا أغضب عليك لم يكن فيه النون لأنّه جزاء محض .

وقال الفراء : هو جزاء فيه طرف من النهي كما تقول : أنزل عن الدابة لا يطرحك . ولا يطرحنك فهذا [ جزاء من ] الأمر بلفظ النهي . ومعناه : إن تنزل عنه لا يطرحنّك .

قال ابن عباس : نزلت هذه الآية في أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة . وقال : أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب .

وقال الحسن : نزلت في عليّ وعمار وطلحة والزبير قال الزبير بن العوّام : يوم الجمل لقد قرأنا هذه الآية زماناً وما أرنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها .

واتّقوا فتنة لا تصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصّة . فحلفنا حتّى أصابتنا خاصّة . قال السدي : هذه الآية نزلت في أهل بدر خاصّة فأصابتهم يوم الجمل فأقبلوا .

وقال عبد الله بن مسعود ما منكم من أحد إلاّ هو مشتمل على الفتنة إنّ الله يقول :

{ أَنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } [ الأنفال : 28 ] فإيّكم استعاذ فليستعذ بالله من مضلاّت الفتن .

حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يكون من ناس من أصحابي إساءة يغفرها الله لهم بصحبتهم إياي يستنّ بهم فيها ناس يعذبهم فيدخلهم الله بها النار " .

يحيى بن عبد الله عن أبيه عن أبي هريره قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتّى تأتي فتنة [ عمياء مظلمة ] المضطجع فيها خير من الجالس والجالس فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي " .

فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن أدركتني [ وأنا مضطجع ] قال : " فامش " .

قال : أفرأيت إن أدركتني وأنا أمشي . قال " ارقد " قال : أفرأيت إن أدركتني وأنا راقد فأجلس . قال : أفرأيت إن أدركتني وأنا جالس .

قال : " فقل هكذا بيدك ، وضم يديه الى جسده ، حتّى تكون عند الله المظلوم ولا تكون عند الله الظالم " .

عن زيد بن أبي زياد عن زيد بن الأصم عن حذيفة قال : أتتكم فتن كقطع الليل المظلم يهلك فيها كل شجاع بطل وكل راكب موضع وكل خطيب مشفع