غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱتَّقُواْ فِتۡنَةٗ لَّا تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمۡ خَآصَّةٗۖ وَٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ} (25)

20

ثم حذرهم الفتن والاختلاف فقال { واتقوا فتنة } قيل : هو العذاب . وقيل : افتراق الكلمة . وقيل : إقرار المنكر بين أظهرهم . وقوله { لا تصيبن } إما أن يكون جواباً للأمر وجاز دخول النون المؤكدة فيه مع خلوه من الطلب لأن فيه معنى النهي كقولك : انزل عن الدابة لا تطرحك وإن شئت قلت لا تطرحنك . وعلى هذا «من » في { منكم } للتبعيض . وقيل : الجواب محذوف والمعنى إن أصابتكم لا تصيب بعضكم وهم الظالمون حال كونهم { خاصة } ولكنها تعم الظالمين وغيرهم لأنه يحسن من الله تعالى ذلك بحكم المالكية أو لاشتمال ذلك على نوع من الصلاح ، وإما أن يكون نهياً بعد أمر و «من » للبيان كأنه قيل : احذروا ذنباً أو عقاباً . ثم قيل لا تصيبنكم تلك العقوبة خاصة على ظلمكم كأن الفتنة نهيت عن ذلك الاختصاص على طريق الاستعارة . وهكذا إن جعلت الجملة الناهية صفة للفتنة على إرادة القول أي اتقوا فتنة مقولاً فيها لا تصيبن كقوله :

جاؤوا بمذق هل رأيت الذئب قط *** . . .

عن الحسن : نزلت في علي وعمار وطلحة والزبير وهو يوم الجمل خاصة على ما قال الزبير : نزلت فينا وقرأناها زماناً وما رأينا أنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها . وعن السدي : نزلت في أهل بدر فاقتتلوا يوم الجمل . وروي أن الزبير كان يسامر النبي صلى الله عليه وسلم يوماً إذ أقبل علي فضحك إليه الزبير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف حبك لعلي ؟ فقال : يا رسول الله بأبى أنت وأمي إني أحبه كحبي لولدي أو أشد حباً . قال : فكيف أنت إذا سرت إليه تقاتله ؟ » ثم ختم الآية بقوله { واعلموا أن الله شديد العقاب } والمراد منه الحث على لزوم الاستقامة .

/خ30