وقوله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) قال بعضهم : ( لا ) صلة زائدة ؛ كأنه قال : /198-أ/ ( واتقوا فتنة ) تصيب[ في الأصل وم : تصيبن ] ( الذين ظلموا منكم خاصة ) أي اتقوا فتنة الذين تصيب الظلمة منكم بظلمهم ، وهو العذاب كقوله تعالى : ( واتقوا النار التي أعدت للكافرين )[ آل عمران : 131 ] فعلى ذلك قوله ( واتقوا فتنة ) تصيب[ في الأصل وم : تصيبن ] ( الذين ظلموا ) في الآخرة ، وهو العذاب . وذلك جائز في الكلام ، نحو ما قرأ بعضهم قوله ( وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون )[ الأنعام : 109 ] بكسر الألف وطرح ( لا )[ إنها إذا جاءت يؤمنون ][ من م ، ساقطة من الأصل ، انظر معجم القراءات القرآنية ج2/308 وحجة القراءات ص265 ] أي إنها وإن جاءت لا يؤمنون .
وأما على إثبات ( لا ) فإنه يحتمل وجوها .
قيل : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا ) أي اتقوا أن تكونوا فتنة للذين ظلموا كقوله تعالى : ( ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ) لئلا يقولوا : لو كانوا على حق ما غلبوا ، ولا قهروا ولا انتصروا منهم .
وقيل : قوله تعالى : ( واتقو فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم ) نهى الأتباع منهم ألا يسعوا[ في الأصل وم : يسمعون ] في ما بين الظلمة بالفساد ، ولا يغري بعضهم على بعض ، فيقع في ما بينهم الفساد ، فيكون هؤلاء الأتباع فتنة للذين ظلموا بإغراء بعضهم على بعض . وذلك معروف في ما بين الخلق في الظلمة ، يغري بالأتباع بعضهم على بعض ، فذلك فتنة .
ويحتمل وجها آخر ؛ هو أن الله تعالى يغير الأحوال في الخلق مرة سعة وخصبا ومرة قحطا وضيقا ومرة غلبة للعدو[ في الأصل وم : العدو ] على الأولياء ، ونحوه .
ويدفع العذاب عن الظلمة بمن لم يظلم ما لم يشاركوا الظلمة . فإذا شاركوا أولئك يحل بأولئك [ العذاب ][ ساقطة من الأصل وم ] بظلمهم وأهل الصلاح والعدل بتركهم الظلمة وأهل الفساد[ أدرج بعدها في الأصل : عن الظلم والفساد ] ، ولهم قوة المنع لهم عن ذلك . فيقول ( لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ولكن تصيبهم ، وتصيبكم ، فقال : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين منكم ) أخذ الظلمة بالعذاب لمشاركة أهل العدل أولئك ، فيكونون فتنة لهم كقوله تعالى : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض )[ البقرة : 251 ] ، أي[ في الأصل وم : أو أن ] يدفع عن الظلمة البلاء والعذاب ما دام أهل العدل يأمرونهم بالمعروف ويعيرونهم[ في الأصل وم : ويغيرون عليهم ] المنكر ، فإذا [ تركوهم ، وهم لا يعيِّرونهم ][ في الأصل وم : تركوا ولا يغيرون عليهم ] المنكر ، ترك بهم البلاء [ فيعمهم البلاء ][ من م ، ساقطة من الأصل ] الظالم وغيره .
والفتنة على وجهين ؛ فتنة الجزاء جزاء أعمالهم ، وذلك يأخذ أهله خاصة ، وفتنة المحنة وذلك يعم الخلق ، و الله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.