القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِنْ أَعْرَضُواْ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاّ الْبَلاَغُ وَإِنّآ إِذَآ أَذَقْنَا الإِنسَانَ مِنّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ بِمَا قَدّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنّ الإِنسَانَ كَفُورٌ } .
يقول تعالى ذكره : فإن أعرض هؤلاء المشركون يا محمد عما أتيتهم به من الحقّ ، ودعوتهم إليه من الرشد ، فلم يستجيبوا لك ، وأبَوْا قبوله منك ، فدعهم ، فإنا لن نرسلك إليهم رقيبا عليهم ، تحفظ عليهم أعْمالهم وتحصيها إنْ عَلَيْكَ إلاّ البَلاغُ يقول : ما عليك يا محمد إلا أن تبلغهم ما أرسلناك به إليهم من الرسالة ، فإذا بلغتهم ذلك ، فقد قضيت ما عليك وَإنّا إذَا أذَقْنا الإنْسانَ منّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها يقول تعالى ذكره : فإنا إذا أغنينا ابن آدم فأعطيناه من عندنا سعة ، وذلك هو الرحمة التي ذكرها جلّ ثناؤه ، فرح بها : يقول : سرّ بما أعطيناه من الغِنى ، ورزقناه من السّعة وكثرة المال ، وَإنْ تُصِبْهُمْ سَيّئَةٌ يقول : وإن أصابتهم فاقة وفقر وضيق عيش بِما قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ يقول : بما أسلفت من معصية الله عقوبة له على معصيته إياه ، جحد نعمة الله ، وأيس من الخير فإنّ الإنْسانَ كَفُورٌ يقول تعالى ذكره : فإن الإنسان جحود نعم ربه ، يعدّد المصائب ، ويجحد النعم . وإنما قال : وَإنْ تُصْبِهُمْ سَيّئَةٌ فأخرج الهاء والميم مخرج كناية جمع الذكور ، وقد ذكر الإنسان قبل ذلك بمعنى الواحد ، لأنه بمعنى الجمع .
{ فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا } رقيبا أو محاسبا . { إن عليك إلا البلاغ } وقد بلغت . { وإنا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها } أراد بالإنسان الجنس لقوله : { وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان كفور } بليغ الكفران ينسى النعمة رأسا ويذكر البلية ويعظمها ولا يتأمل سببها ، وهذا وإن اختص بالمجرمين جاز إسناده إلى الجنس لغلبتهم واندراجهم فيه ، وتصدير الشرطية الأولى ب { إذا } والثانية ب { إن } لأن إذاقة النعمة محققة من حيث أنها عادة مقتضاة بالذات بخلاف إصابة البلية ، وإقامة علة الجزاء مقامه ووضع الظاهر موضع المضمر في الثانية للدلالة على أن هذا الجنس مرسوم بكفران النعمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.