قوله تعالى : { يا أيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ الله لَكَ } الآية ، وفي الحديثِ مِنْ طُرُقٍ ما معناه ؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جاءَ إلى بيتِ حَفْصَةَ ، فوجَدَها قد مرَّتْ لزيارةِ أبيهَا ، فَدَعَا صلى الله عليه وسلم جاريَتَهُ مَارِيَّةَ ، فَقَالَ مَعَها ، فَجَاءَتْ حَفْصَةُ وَقَالَت : يا نبيَّ اللَّه ! أفِي بَيْتِي وعلى فِرَاشِي ؟ فَقَالَ لَهَا صلى الله عليه وسلم : مترضِّياً لها : ( أيُرْضِيكِ أنْ أُحَرِّمَها ؟ ) قَالَتْ : نَعَمْ ؛ فقال : ( إنِّي قَدْ حَرَّمْتُهَا ) ، قال ابن عباس : وقالَ مَعَ ذلكَ : واللَّهِ ، لاَ أَطَؤُهَا أَبَداً ، ثم قال لها : ( لاَ تُخْبِرِي بِهَذَا أَحَداً ) ، ثم إنَّ حَفْصَةَ قَرَعَتْ الجِدَارَ الَّذِي بَيْنَهَا وَبْيْنَ عَائِشَةَ ، وَأَخْبَرَتْهَا لِتُسِرَّهَا بالأَمْرِ ، وَلَمْ تَرَ في إفْشَائِهِ إلَيْهَا حَرَجاً ، واستكتمتها ، فَأَوْحَى اللَّهُ بِذَلِكَ إلى نَبِيِّهِ ، ونزلَتِ الآيةُ ، وفي حديثٍ آخَرَ عن عائشةَ أنَّ هذا التحْرِيمَ المذكورَ في الآية ؛ إنَّما هُو بِسَبَبِ العَسَلِ الذي شَرِبَه صلى الله عليه وسلم عِنْدَ زينبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، فَتَمالأتْ عائشةُ وحفصةُ [ وسَوْدَةُ ] عَلى أنْ تَقُولَ له ؛ مَنْ دَنَا مِنْهَا : إنّا نَجِدُ مِنْكَ رِيحَ مَغَافِيرَ ، أأكَلْتَ مَغَافِيرَ يَا رَسُولَ اللَّه ؟ والمَغَافِيرَ : صَمْغُ العُرْفُطِ ، وَهُوَ حُلْوٌ كَرِيهُ الرَّائِحَةِ ، فَفَعَلْنَ ذَلِكَ ، فَقَالَ رسولُ اللَّه : ( ما أَكَلْتُ مَغَافِيرَ ، وَلَكِنِّي شَرِبْتُ عَسَلاً ) ، فقلْنَ له : جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُط ؟ فقال : صلى الله عليه وسلم : ( لاَ أشْرَبُه أبَداً ) ، وكانَ يَكْرَهُ أنْ تُوجَدَ مِنْهُ رَائحةٌ كَرِيهةٌ ، فدخلَ بعد ذلك على زينبَ فَقَالَتْ : أَلا أسْقِيكَ مِنْ ذَلِكَ العَسَلِ ؟ فَقَال : ( لاَ حَاجَةَ لِي بِهِ ) ، قالتْ عائشةُ : تَقُولُ سَوْدَةُ حِينَ بَلَغَنَا امتناعه : وَاللَّهِ ، لَقَدْ حَرَمْنَاهُ ، فَقُلْتُ لَها : اسكتي ، قال ( ع ) : والقولُ الأوَّلُ أن الآيةِ نزلتْ بسبب مارية أصَحُّ وأوْضَحُ ، وعليه تَفَقَّه الناسُ في الآية ، ومَتَى حَرَّمَ الرَّجُلُ مَالاً أو جاريةً فليسَ تحريمُه بشيءٍ ، ( ت ) : والحديثُ الثَّانِي هو الصحيحُ خَرَّجَه البخاريُّ ومسلمُ وغيرهما ، ودَعَا اللَّهُ تعالى نبيَّه باسْم النبوَّةِ الذي هو دالٌّ على شَرَفِ مَنْزِلَتِه وَفَضِيلَتِه التي خَصَّهُ بِهَا ، وقرَّره تعالى كالمُعَاتِبِ له على تحريمِه عَلى نفسِه مَا أحلَّ اللَّهُ له ، ثم غَفَرَ لَه تَعَالَى مَا عَاتَبه فيه وحرمه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.