فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقًّاۚ إِنَّهُۥ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (4)

{ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } أي لا ترجعون في العاقبة إلاّ إليه فاستعدوا للقائه { وَعَدَ الله } مصدر مؤكد لقوله : { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ } و { حَقًّا } مصدر مؤكد لقوله : { وَعَدَ الله } . { إنَّهُ يبدؤ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ } استئناف معناه التعليل لوجوب المرجع إليه ، وهو أنّ الغرض ومقتضى الحكمة بابتداء الخلق وإعادته هو جزاء المكلفين على أعمالهم . وقرئ : «أنه يبدؤ الخلق » بمعنى لأنه . أو هو منصوب بالفعل الذي نصب وعد الله : أي وعد الله وعداً بدأ الخلق ثم إعادته . والمعنى : إعادة الخلق بعد بدئه . وقرئ : «وعد الله » ، على لفظ الفعل . ويبدىء ، من أبدأ . ويجوز أن يكون مرفوعاً بما نصب حقاً ، أي حقّ حقاً بدأ الحلق ، كقوله :

أَحَقّاً عِبَادَ اللَّهِ أَنّ لَسْتُ جَائِيا *** وَلاَ ذَاهِباً إلاّ عَلَيَّ رَقِيبُ

وقرئ : «حق أنه يبدؤ الخلق » كقولك : حق أنّ زيداً منطلق { بالقسط } بالعدل ، وهو متعلق بيجزى . والمعنى : ليجزيهم بقسطه ويوفيهم أجورهم . أو بقسطهم وبما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا وعملوا صالحاً ، لأنّ الشرك ظلم . قال الله تعالى : { إِنَّ الشرك لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ] والعصاة : ظلاّم أنفسهم ، وهذا أوجه ، لمقابلة قوله : { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } .