محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقًّاۚ إِنَّهُۥ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (4)

/ [ 4 ] { إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون 4 } .

{ إليه مرجعكم جميعا } أي بالموت أو النشور . أي لا ترجعون في العاقبة إلا إليه . فاستعدوا للقائه { وعد الله حقا } أي صدقا . ثم علل وجوب المرجع إليه بقوله سبحانه : { إنه يبدأ الخلق } أي من النطفة { ثم يعيده } أي بعد الموت { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط } أي بعدله أو بعدالتهم وقيامهم على العدل في أمورهم ، أو بإيمانهم ، لأنه العدل القويم ، كما أن الشرك ظلم عظيم ، وهو الأوجه لمقابلة قوله : { والذين كفروا لهم شراب من حميم } أي من ماء حار قد انتهى حره { وعذاب أليم } وجيع يخلص ألمه إلى قلوبهم { بما كانوا يكفرون } تعليل لقوله لمقابلة قوله فإن معناه ليجزي الذين كفروا بشراب من حميم ، وعذاب أليم ، بسبب كفرهم ، لكنه غيّر النظم للمبالغة في استحقاقهم للعقاب بجعله حقا مقررا لهم ، كما تفيده ( اللام ) وللتنبيه على أن المقصود بالذات من الإبداء والإعادة هو الإثابة . والعقاب واقع بالعرض بكسبهم ، وعلى أنه تعالى يتولى إثابة المؤمنين بما لا تحيط العبارة به لفخامته وعظمته ، ولذلك لم يعينه .

/خ6