ثم بيّن لهم ما يكون آخر أمرهم بعد الحياة الدنيا ، فقال : { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } وفي هذا من التهديد والتخويف ما لا يخفى ، وانتصاب : { وَعَدَ الله } على المصدر ؛ لأن في قوله : { إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } معنى الوعد أو هو منصوب بفعل مقدر ، والمراد بالمرجع الرجوع إليه سبحانه : إما بالموت ، أو بالبعث ، أو بكل واحد منهما ، ثم أكد ذلك الوعد بقوله : { حَقّاً } فهو تأكيد لتأكيد ، فيكون في الكلام من الوكادة ما هو الغاية في ذلك . وقرأ ابن أبي عبلة { وَعْدَ الله حَقٌّ } على الاستئناف ، ثم علل سبحانه ما تقدّم بقوله : { إِنَّهُ يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ } أي : إن هذا شأنه يبتدئ خلقه من التراب ثم يعيده إلى التراب ، أو معنى الإعادة الجزاء يوم القيامة . قال مجاهد : ينشئه ثم يميته ، ثم يحييه للبعث ؛ وقيل ينشئه من الماء ثم يعيده من حال إلى حال . وقرأ يزيد بن القعقاع : { أنه يبدأ الخلق } بفتح الهمزة ، فتكون الجملة في وضع نصب بما نصب به وعد الله : أي وعدكم أنه يبدأ الخلق ثم يعيده ، ويجوز أن يكون التقدير لأنه يبدأ الخلق ، وأجاز الفراء أن تكون «أن » في موضع رفع ، فتكون اسماً .
قال أحمد بن يحيى بن ثعلب يكون التقدير حقاً إبداؤه الخلق ، ثم ذكر غاية ما يترتب على الإعادة فقال : { لِيَجْزِيَ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات بالقسط } أي : بالعدل الذي لا جور فيه { والذين كَفَرُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } يحتمل أن يكون الموصول الآخر معطوفاً على الموصول الأوّل : أي ليجزي الذين آمنوا ، ويجزي الذين كفروا ، وتكون جملة : { لَهُمْ شَرَابٌ مّنْ حَمِيمٍ } في محل نصب على الحال ، هي وما عطف عليها : أي وعذاب أليم ، ويكون التقدير هكذا ، ويجزي الذين كفروا حال كون لهم هذا الشراب وهذا العذاب ، ولكن يشكل على ذلك أن هذا الشراب وهذا العذاب الأليم هما من الجزاء ، ويمكن أن يقال : إن الموصول في { والذين كَفَرُواْ } مبتدأ وما بعده خبره ، فلا يكون معطوفاً على الموصول الأوّل ، والباء في { بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ } للسببية : أي بسبب كفرهم ، والحميم : الماء الحار ، وكل مسخن عند العرب ، فهو حميم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.