السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِلَيۡهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِيعٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقًّاۚ إِنَّهُۥ يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَهُمۡ شَرَابٞ مِّنۡ حَمِيمٖ وَعَذَابٌ أَلِيمُۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡفُرُونَ} (4)

{ إليه } تعالى { مرجعكم } أي : رجوعكم بالموت والنشور حالة كونكم { جميعاً } لا يتخلف منكم أحد ، فاستعدّوا للقائه . وقوله تعالى : { وعد الله } مصدر منصوب بفعله المقدّر مؤكد لنفسه ؛ لأن قوله تعالى : { إليه مرجعكم } وعد من الله ، وقوله تعالى : { حقاً } أي : صدقاً لا خلف فيه مصدر آخر منصوب بفعله المقدّر مؤكد لغيره ، وهو ما دل عليه وعد الله . { إنه يبدأ الخلق } أي : يحييهم ابتداءً . { ثم يعيده } أي : ثم يميتهم ثم يحييهم . وفي هذا دليل على الحشر والنشر والمعاد ، وصحة وقوعه ، وردّ على منكري البعث ووقوعه ؛ لأنّ القادر على خلق هذه الأجسام المؤلفة ، والأعضاء المركبة على غير مثال سبق ، قادر على إعادتها بعد تفريقها بالموت والبلى ، فيركب تلك الأجزاء المتفرقة تركيباً ثانياً ، ويخلق الإنسان الأوّل مرّة أخرى ، فإذا ثبت القول بصحة المعاد والبعث بعد الموت ؛ كان المقصود منه إيصال الثواب للمطيع ، والعقاب للعاصي ، وهو قوله تعالى : { ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط } أي : بالعدل ، لا ينقص من أجورهم شيئاً . { والذين كفروا لهم شراب من حميم } وهو ماء حار قد انتهى حرّه { وعذاب أليم } أي : بالغ في الإيّلام . { بما كانوا يكفرون } أي : بسبب كفرهم .