الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

{ إن المسلمين والمسلمات } الآية قالت النساء ذكر الله تعالى الرجال بخير في القرآن ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير يذكر فأنزل الله تعالى هذه الآية

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

فيه مسألتان :

الأولى- روى الترمذي عن أم عمارة الأنصارية أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : ما أرى كل شيء إلا للرجال ، وما أرى النساء يذكرن بشيء ! فنزلت هذه الآية : " إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات " الآية . هذا حديث حسن غريب . و " المسلمين " اسم " إن " . " والمسلمات " عطف عليه . ويجوز رفعهن عند البصريين ، فأما الفراء فلا يجوز عنده إلا فيما لا يتبين فيه الإعراب .

الثانية- بدأ تعالى في هذه الآية بذكر الإسلام الذي يعم الإيمان وعمل الجوارح ، ثم ذكر الإيمان تخصيصا له وتنبيها على أنه عظم الإسلام ودعامته . والقانت : العابد المطيع . والصادق : معناه فيما عوهد عليه أن يفي به . والصابر عن الشهوات وعلى الطاعات في المكره والمنشط{[12821]} . والخاشع : الخائف لله . والمتصدق بالفرض والنفل . وقيل : بالفرض خاصة ، والأول أمدح . والصائم كذلك . " والحافظين فروجهم والحافظات " أي عما لا يحل من الزنى وغيره . وفي قوله : " والحافظات " حذف يدل عليه المتقدم ، تقديره : والحافظاتها ، فاكتفى بما تقدم . وفي " الذاكرات " أيضا مثله ، ونظيره قول الشاعر :

وكُمْتًا مُدَمَّاة كأن متونها *** جرى فوقها واستشعرت لونُ مُذْهَبِ{[12822]}

وروى سيبويه : " لون مذهب " بالنصب . وإنما يجوز الرفع على حذف الهاء ، كأنه قال : واستشعرته ، فيمن رفع لونا . والذاكر قيل في أدبار الصلوات وغدوا وعشيا ، وفي المضاجع وعند الانتباه من النوم . وقد تقدم هذا كله مفصلا في مواضعه ، وما يترتب عليه من الفوائد والأحكام ، فأغنى عن الإعادة{[12823]} . والحمد لله رب العالمين . قال مجاهد : لا يكون ذاكرا لله تعالى كثيرا حتى يذكره قائما وجالسا ومضطجعا . وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : من أيقظ أهله بالليل وصليا أربع ركعات كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات .


[12821]:المكره (بفتح الميم): المكروه. والمنشط: وهو الأمر الذي تنشط له وتخف إليه وتؤثر فعله، وهو مصدر بمعنى النشاط.
[12822]:الكمت: جمع أكمت، وهي حمرة تضرب إلى السواد. والمدماة: شديدة الحمرة مثل الدم. والمتون: جمع متن، وهو الظهر. واستشعرت: جعلت شعارها. والمذهب: المموّه. والبيت لطفيل الغنوي (عن سيبويه والعيني).
[12823]:راجع ج 1 ص 331 و ج 4 ص 82 و 310.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَٱلۡمُسۡلِمَٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡقَٰنِتِينَ وَٱلۡقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّـٰدِقِينَ وَٱلصَّـٰدِقَٰتِ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَٱلصَّـٰبِرَٰتِ وَٱلۡخَٰشِعِينَ وَٱلۡخَٰشِعَٰتِ وَٱلۡمُتَصَدِّقِينَ وَٱلۡمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّـٰٓئِمِينَ وَٱلصَّـٰٓئِمَٰتِ وَٱلۡحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمۡ وَٱلۡحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّـٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرٗا وَٱلذَّـٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةٗ وَأَجۡرًا عَظِيمٗا} (35)

ولما حث سبحانه على المكارم والأخلاق الزاكية ، وختم بالتذكير بالآيات والحكمة ، أتبعه ما لمن تلبس من أهل البيت بما يدعو إليه ذلك من صفات الكمال ، ولكنه ذكره على وجه يعم غيرهم من ذكر وأنثى مشاكلة لعموم الدعوة وشمول الرسالة ، فقال جواباً لقول النساء : يا رسول الله ! ذكر الله الرجال ولم يذكر النساء بخير فما فينا خير نذكر به ، إنا نخاف أن لا يقبل منا طاعة ، بادئاً بالوصف الأول الأعم الأشهر من أوصاف أهل هذا الدين مؤكداً لأجل كثرة المنافقين المكذبين بمضمون هذا الخبر وغيرهم من المصارحين : { إن المسلمين } ولما كان اختلاف النوع موجباً للعطف ، قال معلماً بالتشريك في الحكم : { والمسلمات } .

ولما كان الإسلام مع كونه أكمل الأوصاف وأعلاها يمكن أن يكون{[55585]} بالظاهر فقط ، أتبعه المحقق له وهو إسلام الباطن بالتصديق التام بغاية الإذعان ، فقال عاطفاً له ولما بعده من الأوصاف التي يمكن اجتماعها بالواو للدلالة على تمكين الجامعين {[55586]}لهذه الأوصاف{[55587]} من{[55588]} كل وصف منها : { والمؤمنين والمؤمنات } ولما كان المؤمن{[55589]} المسلم قد لا يكون في أعماله مخلصاً قال : { والقانتين } أي المخلصين في إيمانهم وإسلامهم { والقانتات } ولما كان القنوت كما يطلق على الإخلاص المقتضي للمداولة قد يطلق على مطلق الطاعة قال : { والصادقين } في ذلك كله { والصادقات } أي في إخلاصهم في الطاعة ، وذلك يقتضي الدوام .

ولما كان الصدق - وهو إخلاص القول والعمل عن شوب يلحقه أو شيء يدنسه - {[55590]}قد لا{[55591]} يكون دائماً ، قال مسيراً إلى أن ما لا يكون دائماً لا يكون صدقاً في الواقع : { والصابرين والصابرات } ولما كان الصبر قد يكون سجية ، دل على صرفه إلى الله بقوله{[55592]} : { والخاشعين والخاشعات } ولما كان الخشوع - وهو الخضوع والإخبات والسكون - لا يصح مع توفير المال فإنه سيكون إليه ، قال معلماً أنه إذ ذاك لا يكون على حقيقته : { والمتصدقين } أي المنفقين أموالهم في رضى الله بغاية الجهد من نفوسهم بما أشار إليه إظهار التاء{[55593]} فرضاً وتطوعاً سراً وعلانية{[55594]} بما أرشد إليه الإظهار أيضاً{[55595]} تصديقاً لخشوعهم { والمتصدقات } .

ولما كان بذل المال قد لا يكون مع الإيثار ، أتبعه ما يعين عليه فقال : { والصائمين } أي تطوعاً للإيثار بالقوت وغير ذلك { والصائمات } ولما كان الصوم يكسر شهوة الفرج ، وقد يثيرها ، قال : { والحافظين فروجهم } أي عما لا يحل لهم بالصوم وما{[55596]} أثاره الصوم{[55597]} { والحافظات } ولما كان حفظ الفروج{[55598]} وسائر الأعمال لا تكاد توجد إلا بالذكر . وهو الذي فيه{[55599]} المراقبة الموصلة إلى المحاضرة المحققة للمشاهدة المحيية بالفناء قال : { والذاكرين الله } أي مع استحضار{[55600]} ما له من الكمال بصفات الجلال والجمال { كثيراً } بالقلب واللسان في كل حالة { والذاكرات } ومن علامات الإكثار من الذكر اللهج به عند الاستيقاظ من النوم .

ولما كان المطيع وإن جاوز الحد في الاجتهاد مقتصراً عن بلوغ ما يحق له ، أشار إلى ذلك سبحانه بقوله مكرراً الاسم الأعظم إشارة إلى ذلك وإلى صغر الذنوب إذا نسبت إلى عفوه : { أعد الله } أي الذي لا يقدر أحد أن يقدره حق قدره مع أنه لا يتعاظمه شيء { لهم مغفرة } أي لهفواتهم وما أتوه من سيئاتهم بحيث يمحو عينه وأثره ، فلا عتاب ولا عقاب ، ولا ذكر له سبب من الأسباب .

ولما ذكر الفضل بالتجاوز ، أتبعه التفضل{[55601]} بالكرم والرحمة فقال : { وأجراً عظيماً * } وإعداد الأجر يدل على أن المراد بهذه الأوصاف اجتماعها لأن مظهر الإسلام نفاقاً كافر ، وتارك شيء من الأوصاف{[55602]} متصف بضده ، وحينئذ يكون مخلاً بالباقي ، وأن المراد بالعطف التمكن والرسوخ في كل وصف منها زيادة على التمكن الذي أفاده التعبير بالوصف دون الفعل ، وحينئذ تعدم الكبائر فيتأتى{[55603]} تكفير الصغائر ، فتأتي المغفرة والأجر ، وأما آية التحريم{[55604]} فلم تعطف لئلا يظن أنهن أنواع كل نوع يتفرد بوصف ، وإفادة الرسوخ هنا{[55605]} في الأوصاف من سياق الامتنان والمدح بكونهن خيراً .


[55585]:زيد من ظ ومد.
[55586]:من ظ ومد، وفي الأصل: لها.
[55587]:من ظ ومد، وفي الأصل: لها.
[55588]:في ظ ومد: في.
[55589]:زيد من ظ ومد.
[55590]:من ظ ومد، وفي الأصل: فلا.
[55591]:من ظ ومد، وفي الأصل: فلا.
[55592]:من ظ ومد، وفي الأصل: قال الله سبحانه.
[55593]:زيد من ظ ومد.
[55594]:في ظ ومد: علنا.
[55595]:زيد من ظ ومد.
[55596]:في ظ ومد: مما.
[55597]:زيد في الأصل: منه، ولم تكن الزيادة في ظ ومد فحذفناها.
[55598]:في ظ ومد: الفرج.
[55599]:في ظ: عنه، والكلمة ساقطة من مد.
[55600]:زيد من ظ ومد.
[55601]:من ظ ومد، وفي الأصل: التفضيل.
[55602]:زيد من ظ ومد.
[55603]:في ظ ومد: فيأتي.
[55604]:راجع آية 5.
[55605]:في ظ ومد: هناك.