قولهم اعتصمت بحبله : يجوز أن يكون تمثيلاً لاستظهاره به ووثوقه بحمايته ، بامتساك المتدلي من مكان مرتفع بحبل وثيق يأمن انقطاعه ، وأن يكون الحبل استعارة لعهده والاعتصام لوثوقه بالعهد ، أو ترشيحاً لاستعارة الحبل بما يناسبه . والمعنى : واجتمعوا على استعانتكم بالله ووثوقكم به ولا تفرقوا عنه . أو واجتمعوا على التمسك بعهده إلى عباده وهو الإيمان والطاعة ؛ أو بكتابه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « القرآن حبل الله المتين لا تنقضي عجائبه ، ولا يخلق عن كثرة الردّ ، من قال به صدق ؛ ومن عمل به رشد ، ومن اعتصم به هدي إلى صراط مستقيم » { وَلاَ تَفَرَّقُواْ } ولا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم كما اختلفت اليهود والنصارى ، أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية متدابرين يعادي بعضكم بعضاً ويحاربه أو ولا تحدثوا ما يكون عنه التفرق ويزول معه الاجتماع والألفة التي أنتم عليها مما يأباه جامعكم والمؤلف بينكم ، وهو اتباع الحق والتمسك بالإسلام . كانوا في الجاهلية بينهم الإحن والعداوات والحروب المتواصلة ، فألف الله بين قلوبهم بالإسلام . وقذف فيها المحبة فتحابوا وتوافقوا وصاروا { إِخْوَانًا } متراحمين متناصحين مجتمعين على أمر واحد قد نظم بينهم وأزال الاختلاف ، وهو الأخوة في الله : وقيل : هم الأوس والخزرج ، كانا أخوين لأب وأم ، فوقعت بينهما العداوة وتطاولت الحروب مائة وعشرين سنة إلى أن أطفأ الله ذلك بالإسلام وألف بينهم برسول الله صلى الله عليه وسلم { وَكُنتُمْ على شَفَا حُفْرَةٍ مّنَ النار } وكنتم مشفين على أن تقعوا في نار جهنم لما كنتم عليه من الكفر { فَأَنقَذَكُمْ مّنْهَا } بالإسلام . والضمير للحفرة أو للنار أو للشفا وإنما أنث لإضافته إلى الحفرة وهو منها كما قال :
كَمَا شَرِقَتْ صَدْرُ الْقَنَاةِ مِنَ الدَّمِ***
وشفا الحفرة وشفتها : حرفها ، بالتذكير والتأنيث ، ولامها واو ، إلا أنها في المذكر مقلوبة وفي المؤنث محذوفة ، ونحو الشفا والشفة الجانب والجانبة .
فإن قلت : كيف جعلوا على حرف حفرة من النار ؟ قلت : لو ماتوا على ما كانوا عليه وقعوا في النار ، فمثلت حياتهم التي يتوقع بعدها الوقوع في النار بالقعود على حرفها مشفين على الوقوع فيها { كذلك } مثل ذلك البيان البليغ { يُبَيّنُ الله لَكُمْ ءاياته لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } إرادة أن تزدادوا هدى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.