{ ها } للتنبيه ، و { أَنتُمْ } مبتدأ . و { أُوْلاءِ } خبره . أي أنتم أولاء الخاطئون في موالاة منافقي أهل الكتاب . وقوله : { تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } بيان لخطئهم في موالاتهم حيث يبذلون محبتهم لأهل البغضاء . وقيل { أُوْلاء } موصول { تُحِبُّونَهُمْ } صلته . والواو في { وَتُؤْمِنُونَ } للحال ، وانتصابها من لا يحبونكم أي لا يحبونكم والحال أنكم تؤمنون بكتابهم كله ، وهم مع ذلك يبغضونكم . فما بالكم تحبونهم وهم لا يؤمنون بشيء من كتابكم . وفيه توبيخ شديد بأنهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم . ونحوه { فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الله مَالاً يَرْجُونَ } [ النساء : 104 ] ويوصف المغتاظ والنادم بعضّ الأنامل والبنان والإبهام قال الحرث بن ظالم المري :
فَأقْتُلُ أقْوَاماً لِئَاماً أَذِلَّةً *** يَعُضُّونَ مِنْ غَيْظٍ رُؤوس الأَبَاهِمِ
{ قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ } دعاء عليهم بأن يزداد غيظهم حتى يهلكوا به والمراد بزيادة الغيظ زيادة ما يغيظهم من قوّة الإسلام وعز أهله وما لهم في ذلك من الذل والخزى والتبار { إِنَّ الله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور } فهو يعلم ما في صدور المنافقين من الحنق والبغضاء ، وما يكون منهم في حال خلوّ بعضهم ببعض ، وهو كلام داخل في جملة المقول أو خارج منها .
فإن قلت : فكيف معناه على الوجهين ؟ قلت إذا كان داخلاً في جملة المقول فمعناه : أخبرهم بما يسرونه من عضهم الأنامل غيظاً إذا خلوا ، وقل لهم إنّ الله عليم بما هو أخفى مما تسرونه بينكم وهو مضمرات الصدور ، فلا تظنوا أنّ شيئاً من أسراركم يخفى عليه . وإذا كان خارجاً فمعناه : قل لهم ذلك يا محمد ولا تتعجب من إطلاعي إياك على ما يسرون فإني أعلم ما هو أخفى من ذلك وهو ما أضمروه في صدورهم ولم يظهروه بألسنتهم . ويجوز أن لا يكون ثمَّ قول ، وأن يكون قوله : { قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ } [ آل عمران : 119 ] أمراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم بطيب النفس وقوة الرجاء والاستبشار بوعد الله أن يهلكوا غيظاً بإعزاز الإسلام وإذلالهم به ، كأنه قيل : حدث نفسك بذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.