الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَلِكُلّٖ جَعَلۡنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَۚ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِيبَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (33)

{ مّمَّا تَرَكَ } تبيين لكل ، أي : ولكل شيء مما ترك { الوالدان والأقربون } من المال جعلنا موالي وراثاً يلونه ويحرزونه : أو ولكل قوم جعلناهم موالي ، نصيب مما ترك الولدان والأقربون على أن { جَعَلْنَا مَوَالِىَ } صفة لكل ، والضمير الراجع إلى كل محذوف ، والكلام مبتدأ وخبر ، كما تقول : لكل من خلقه الله إنساناً من رزق الله ، أي حظ من رزق الله ، أو : ولكل أحد جعلنا موالي مما ترك ، أي ورّاثاً مما ترك ، على أن ( من ) صلة موالي ، لأنهم في معنى الورّاث ، وفي ( ترك ) ضمير كلّ ، ثم فسر الموالي بقوله : { الوالدان والأقربون } كأنه قيل : مَنْهم هم ؟ فقيل : الوالدان والأقربون { والذين عَقَدَتْ أيمانكم } مبتدأ ضمن معنى الشرط . فوقع خبره مع الفاء وهو قوله : { فآتوهم نصيبهم } ويجوز أن يكون منصوباً على قولك : زيداً فاضربه ، ويجوز أن يعطف على الوالدان ، ويكون المضمر في ( فآتوهم ) للموالي ، والمراد بالذين عاقدت أيمانكم : موالي الموالاة كان الرجل يعاقد الرجل فيقول : دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وثأري ثأرك ، وحربي حربك ، وسلمي سلمك ، وترثني وأرثك . وتطلب بي وأطلب بك ، وتعقل عني وأعقل عنك ، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف ، فنسخ . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب يوم الفتح فقال : " ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، فإنه لم يزده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفاً في الإسلام " وعند أبي حنيفة : لو أسلم رجل على يد رجل وتعاقدا على أن يتعاقلا ويتوارثا صح عنده وورث بحق الموالاة خلافاً للشافعي . وقيل : المعاقدة التبني . ومعنى عاقدت أيمانكم : عاقدتهم أيديكم وما سحتموهم . وقرىء «عقّدت » بالتشديد والتخفيف بمعنى عقدت عهودهم أيمانكم .