جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَلِكُلّٖ جَعَلۡنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلۡوَٰلِدَانِ وَٱلۡأَقۡرَبُونَۚ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ فَـَٔاتُوهُمۡ نَصِيبَهُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (33)

{ ولكلٍّ{[995]} } منكم { جعلنا موالي } ورثة أو عصبة ، والعرب تسمي ابن العم مولى { مما ترك الوالدان والأقربون } مما متعلق بموالي لتضمنه معنى الفعل أي : ورثة مما ترك ، يعني : يرث من تركتهم ، أو معناه : لكل شيء مما تركوا من المال جعلنا موالي وراثا يحرزونه { والذين عقدت{[996]} أيمانكم } عهودكم يأخذ بعضهم بيد بعض على الوفاء ، وقرئ عاقدت ، أي : عاقدتهم أيديكم { فآتوهم نصيبهم } من الإرث وهو السدس كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة كان هذا في ابتداء الإسلام ثم نسخ وأمروا بأن يوفوا لمن عاقدوا ولا ينشئوا بعد نسخه بقوله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ) معاهدة في الإرث لكن يجب الوفاء بالمعاهدة الماضية{[997]} أو نسخت مطلقا فلا يجوز إنشاء المعاهدة ولا الوفاء بالعهد السابق للميراث ، وقوله : ( والذين عقدت أيمانكم ) غير منسوخ بمعنى : وآتوهم نصيبهم من النصرة لا من الإرث ، أو كان يرث المهاجري{[998]} الأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة التي آخى بينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت : ( ولكل جعلنا موالي ) نسخت ثم قال : ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) أي : من النصر والنصيحة وقد ذهب الميراث { إن الله كان على كل شيء شهيدا } فلا تتجاوزوا عما أمركم .


[995]:ولما ذكر ما حصل للرجال من اكتسابهم وللنساء من اكتسابهن أخذ فيما حصل لهم من غير اكتسابهم وتعبهم فقال: (ولكل جعلنا) الآية/12 وجيز.
[996]:كان في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول: دمي دمك وثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك، فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف، وكان ذلك ثابتا في ابتداء الإسلام وذلك قوله: (فآتوهم نصيبهم) ثم نسخ، أو كان ميراث المهاجري للأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة السابقة، ثم نسخ مطلقا فلا إرث بينهم وقوله: (فآتوهم نصيبهم) يعني: من النصر والنصيحة والمحبة/12 منه.
[997]:وفي مسلم وغيره لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة/12. [أخرجه مسلم في (الفضائل)/باب: مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه (2530)].
[998]:نقله البخاري عن ابن عباس/12 وجيز. [أخرجه ابن جرير في (تفسيره) من طرق عنه صلى الله عليه وسلم (5/37-38) وأخرجه ابن أبي حاتم في (تفسيره) (5246) من طريق: أبو سعيد الأشج، ثنا خلف بن أيوب العامري، عن أشعث بن عبد الملك، عن الحسن فذكره، عن علي – رضي الله عنه – كما قال ابن كثير (1/492)].