التحية قال عبد الله بن إدريس : هي الملك وأنشد :
أوّم بها أبا قابوس حتى *** أنيخ على تحيته بجندي
وقال الأزهري : التحية بمعنى الملك ، وبمعنى البقاء ، ثم صارت بمعنى السلامة . انتهى .
ووزنها تفعلة ، وليس الإدغام في هذا الوزن واجباً على مذهب المازني ، بل يجوز الإظهار كما قالوا : أعيية بالإظهار ، وأعية بالإدغام في جمع عيي .
وذهب الجمهور إلى أنه يجب الإدغام في تحية ، والكلام على المذهبين مذكور في كتب النحو .
{ وإذا حييتم بتحية فيحوا بأحسن منها أو ردّوها } الظاهر أن التحية هنا السلام ، وأنّ المسلم عليه مخير بين أن يرد أحسن منها ، أو أن يردها يعني مثلها ، فأو هنا للتخيير .
وقال ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، وابن زيد : بأحسن منها إذا كان مسلماً ، أو ردوها إذا كان يسلم عليك كافر فاردد ، وإن كان مجوسياً فتكون أو هنا للتنويع .
والذي يظهر أنّ الكافر لا يرد عليه مثل تحيته ، لأن المشروع في الرد عليهم أن يقال لهم : وعليكم ، ولا يزادوا على ذلك ، فيكون قوله : وإذا حييتم معناه : وإذا حياكم المسلمون ، وإلى هذا ذهب .
وعن الحسن : ويجوز أن يقال للكافر : وعليك السلام ، ولا يقل : ورحمة الله ، فإنها استغفار ، وعن الشعبي أنه قال لنصراني سلم عليه : وعليك السلام ورحمة الله فقيل له ، فقال : أليس في رحمة الله يعيش ؟ وكأن من قال بهذا أخذ بعموم وإذا حييتم ، لكن ذلك مخالف للنص النبوي من قوله : « فقولوا وعليكم » وكيفية رد الأحسن أنه إذا قال : سلام عليك ، فيقول : عليك السلام ورحمة الله .
فإذا قال : سلام عليك ورحمة الله قال : عليك السلام ورحمة الله وبركاته .
فإذا قال المسلم هذا بكماله رد عليه مثله .
وروي عن عمر ، وابن عباس ، وغيرهما : أن غاية السلام إلى البركة .
وفي الآية دليل على أنّ الرد واجب لأجل الأمر ، ولا يدل على وجوب البداءة ، بل هي سنة مؤكدة ، هذا مذهب أكثر العلماء .
والجمهور على أنْ لا يبدأ أهل الكتاب بالسلام ، وشذ قوم فأباحوا ذلك .
وقد طول الزمخشري وغيره بذكر فروع كثيرة في السلام ، وموضوعها علم الفقه .
وذهب مجاهد : إلى تخصيص هذه التحية بالجهاد ، فقال : إذا حييتم في سفركم بتحية الإسلام { فلا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً } فإن أحكام الإسلام تجري عليهم .
وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك : أن هذه الآية في تشميت العاطس ، والرد على المشمت .
وضعف ابن عطية وغيره من أصحاب مالك هذا القول .
قال ابن عطية : لأنه ليس في الكلام على ذلك دلالة .
أما أنّ الرد على المشمت مما يدخل بالقياس في معنى رد التحية ، وهذا هو منحى مالك إن صح ذلك ، انتهى .
وذهب قوم إلى أنّ المراد بالتحية هنا الهداية واللطف ، وقال : حق من أعطى شيئاً من ذلك أن يعطى مثله أو أحسن منه .
قال ابن خويز منداد : يجوز أن تحمل هذه الآية على الهبة إذا كانت للثواب ، وقد شحن بعض الناس تأليفه هنا بفروع من أحكام القتال والسلام ، وتشميت العاطس ، والهدايا ، وموضوعها علم الفقه وذكروا أيضاً في ما يدخل في التحية مقارناً للسلام ، واللقاء والمصافحة ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بها وفعلها مع السلام والمعانقة ، وأول من سنها ابراهيم عليه السلام ، والقبلة .
وعن الحسن في قوله تعالى : { رحماء بينهم } قال : كان الرجل يلقى أخاه فما يفارقه حتى يلزمه ويقبله .
وعن عليّ قبلة الولد رحمة ، وقبلة المرأة شهوة ، وقبلة الوالدين برّ ، وقبلة الأخ دين ، وقبلة الإمام العادل طاعة ، وقبلة العالم إجلال الله تعالى .
قال القشيري : في الآية تعليم لهم حسن العشرة وآداب الصحبة ، وأنَّ من حملك فضلاً صار ذلك في ذمتك قرضاً ، فإنْ زدت على فعله وإلا فلا تنقص عن مثله .
{ إن الله كان على كل شيء حسيباً } أي : حاسباً من الحساب ، أو محسباً من الاحساب ، وهو الكفاية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.