قوله : { وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } التحية تفعلة من حييت ، والأصل تحيية مثل ترضية وتسمية ؛ فأدغموا الياء في الياء ، وأصلها الدعاء بالحياة . والتحية : السلام ، وهذا المعنى هو المراد هنا ، ومثله قوله تعالى : { وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله } [ المجادلة : 8 ] وإلى هذا ذهب جماعة المفسرين ، وروي عن مالك أن المراد بالتحية هنا : تشميت العاطس . وقال أصحاب أبي حنيفة ، التحية هنا الهدية لقوله : { أَوْ رُدُّوهَا } ولا يمكن ردّ السلام بعينه ، وهذا فاسد لا ينبغي الالتفات إليه . والمراد بقوله : { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا } أن يزيد في الجواب على ما قاله المبتدىء بالتحية ، فإذا قال المبتدئ : السلام عليكم ، قال المجيب : وعليكم السلام ورحمة الله ، وإذا زاد المبتدئ لفظاً زاد المجيب على جملة ما جاء به المبتدئ لفظاً أو ألفاظاً نحو : وبركاته ، ومرضاته ، وتحياته .
قال القرطبي : أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها ، وردّه فريضة لقوله : { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } واختلفوا إذا ردّ واحد من جماعة هل يجزئ أو لا ؟ فذهب مالك ، والشافعي إلى الإجزاء ، وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجزئ عن غيره ، ويردّ عليهم حديث عليّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يجزئ من الجماعة إذا مرّوا أن يسلم أحدهم ، ويجزىء عن الجلوس أن يردّ أحدهم » أخرجه أبو داود ، وفي إسناده سعيد بن خالد الخزاعي المدني ، وليس به بأس ، وقد ضعفه بعضهم . وقد حسن الحديث ابن عبد البرّ .
ومعنى قوله : { أَوْ رُدُّوهَا } الاقتصار على مثل اللفظ الذي جاء به المبتدىء ، فإذا قال السلام عليكم ، قال المجيب : وعليكم السلام . وقد ورد في السنة المطهرة في تعيين من يبتدئ بالسلام ، ومن يستحق التحية ومن لا يستحقها ما يغني عن البسط هاهنا . قوله : { إِنَّ الله كَانَ على كُلّ شَىْء حَسِيباً } يحاسبكم على كل شيء وقيل : معناه حفيظاً وقيل : كافياً ، قولهم أحسبني كذا : أي : كفاني ، ومثله : { حَسْبَكَ الله } [ الأنفال : 62 ، 64 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.