اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَا مُوسَىٰ وَهَٰرُونَ ٱلۡفُرۡقَانَ وَضِيَآءٗ وَذِكۡرٗا لِّلۡمُتَّقِينَ} (48)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان } الآية . لما أمر رسوله{[28631]} أن يقول { إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بالوحي }{[28632]} أتبعه بأنه عادة الله في الأنبياء قبله . { وَلَقَدْ آتَيْنَا موسى وَهَارُونَ الفرقان } يعني : الكتاب المفرق بين الحق والباطل ، وهو التوراة ، وكان «ضِيَاءٌ » لغاية وضوحه يتوصل به إلى طرق الهدى في معرفة{[28633]} الشرائع ، وكان «ذكرى » أي موعظة أو ذكر ما يحتاجون إليه في دينهم ومصالحهم .

وقال ابن زيد : الفرقان النصر على الأعداء كقوله تعالى : { وَمَآ أَنزَلْنَا على عَبْدِنَا يَوْمَ الفرقان }{[28634]} يعني : يوم بدر حين فرق بين الحق والباطل{[28635]} . وهو مروي عن ابن عباس ، ولأنه أدخل الواو في قوله «وَضِيَاءٌ » أي : آتينا موسى النصر والضياء ، وهو التوراة ، لأنَّ العطف يقتضي المغايرة . وقيل : المراد بالفرقان : البرهان الذي فرق به بين الحق والباطل . وقال الضحاك : الفرقان هو فلق البحر .

وقال محمد بن كعب : الفرقان الخروج عن الشبهات{[28636]} . ومن قال المراد بالفرقان : التوراة قال : الواو في قوله : «وَضِيَاءٌ » تكون من عطف الصفات ، والمراد به شيء واحد ، أي : آتيناه الجامع بين هذه الأشياء . وقيل : الواو زائدة{[28637]} . قال أبو البقاء ف «ضِيَاءٌ » حال على هذا{[28638]} . وإنما خصص الذكر بالمتقين كما في قوله «هُدىً للمتّقين »{[28639]} .


[28631]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/179.
[28632]:[الأنبياء: 45].
[28633]:في الأصل: موعظة وهو تحريف.
[28634]:[الأنفال: 41].
[28635]:انظر البغوي 5/491.
[28636]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/179.
[28637]:على مذهب الكوفيين والأخفش، أما البصريون فلا يرون زيادتها ولا تأتي عندهم إلا للعطف. انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج 3/394 والمغني 2/362.
[28638]:التبيان 2/919.
[28639]:[البقرة: 2].