اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ءَأَنتُمۡ تَخۡلُقُونَهُۥٓ أَمۡ نَحۡنُ ٱلۡخَٰلِقُونَ} (59)

قوله : { أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ } . يجوز فيه وجهان{[54963]} :

أحدهما : أنه فاعل فعل مقدر ، أي : «أتَخْلُقُونهُ » فلما حذف الفعل لدلالة ما بعده عليه انفصل الضَّمير ، وهذا من باب الاشتغال .

والثاني : أن «أنْتُم » مبتدأ ، والجملة بعده خبر .

والأول أرجح لأجل أداةِ الاستفهام .

وقوله : «أمْ » يجوز فيها وجهان{[54964]} :

أحدهما : أنها منقطعة ؛ لأنَّ ما بعدها جملة ، وهي إنما تعطف المفردات .

والثاني : أنها متَّصلة .

وأجابوا عن وُقوع الجملة بعدها بأن مجيء الخبر بعد «نحن » أتي به على سبيل التَّوكيد ؛ إذ لو قال : «أمْ نَحْنُ » لاكتفي به دون الخبر ، ونظير ذلك جواب من قال : «مَنْ في الدَّار » ؟ زيد في الدار ، «أو زيد فيها » ، ولو اقتصر على «زيد » لكان كافياً .

ويؤيد كونها متصلة أن الكلام يقتضي تأويله ، أي : الأمرين واقع ، وإذا صلح كانت متصلة ، إذ الجملة بتأويل المفرد .

ومفعول «الخَالِقُون » محذوف لفهم المعنى أي : «الخالقوه » .

فصل في تحرير معنى الآية

والمعنى : أنتم تصورون منه الإنسان { أم نحن الخالقون } المقدّرون المصورون ، وهذا احتجاج عليهم ، وبيان للآية الأولى ، أي : إذا أقررتم بأنا خالقوه لا غير ، فاعترفوا بالبعث{[54965]} .

قال مقاتل : نحن خلقناكم ولم تكونوا شيئاً ، وأنتم تعلمون ذلك ، فهلاَّ تصدقون بالبعث .


[54963]:ينظر: الدر المصون 6/263.
[54964]:السابق.
[54965]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/287).