اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلُوبٞ يَوۡمَئِذٖ وَاجِفَةٌ} (8)

قوله : { قُلُوبٌ } مبتدأ ، و «يومئذ » منصوب ب «وَاجِفَة » ، و«وَاجِفَة » صفة القلوب ، وهو المسوغ للابتداء بالنكرة ، و «أبْصارُهَا » مبتدأ ثانٍ ، و «خَاشِعَة » خبره ، وهو وخبره خبر الأول ، وفي الكلام حذف مضاف ، تقديره : أبصار أصحاب القلوب .

قال ابن عطية{[59237]} : وجاز ذلك ، أي : الابتداء ب «قُلُوب » ؛ لأنها تخصصت بقوله : «يَوْمَئِذ » .

ورد عليه أبو حيان{[59238]} : بأن ظرف الزَّمان لا يخصص الجثث ، يعني : لا يوصف به الجثث .

و«الواجِفة » : الخائفة الوجلة ، قاله ابن عباس{[59239]} ، يقال : وجَفَ يَجِفُ وجِيفاً ، وأصله : اضطراب القلب .

قال قيس بن الخطيم : [ المنسرح ]

5088- إنَّ بَنِي جَحْجَبَى وأسرتَهُمْ *** أكْبَادُنَا مِنْ وَرائِهمْ تَجِفُ{[59240]}

وقال السديُّ : زَائلةٌ عن أماكنها ، ونظيره : { إِذِ القلوب لَدَى الحناجر }{[59241]} [ غافر : 18 ] .

وقال المؤرج ، قلقة مستوفزة ، مُرتكضةٌ غير ساكنة .

وقال المبرد : مضطربة ، والمعنى متقارب ، والمراد : قلوب الكفَّار ، يقال : وجَفَ القلب يَجِفُ وجِيفاً : إذا خفق ، كما يقال : وجَبَ يَجِبُ وَجِيْباً - بالياء الموحدة - بدل الفاء ، ومنه وجيف الفرس والنَّاقة في العدوِ .

والإيجاف : حمل الدابة على السير السريع .


[59237]:المحرر الوجيز 5/431.
[59238]:ينظر: البحر المحيط 8/413.
[59239]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/510)، وعزاه إلى ابن المنذر.
[59240]:هذا البيت ملفق من بيتين من فائية المشهورة، أولهما قوله: أبلغ بني جحجبى وقومهم *** خطمة أنا وراءهم أنف والثاني بعد هذا البيت، وهو قوله: أنا ولو قدموا التي علموا *** أكبادنا من ورائهم تجف فركب من البيتين البيت المستشهد به؛ أخذ صدر الأول، وجعل له عجز البيت الثاني. ينظر ديوان قيس بن الخطيم ص (111)، والأصمعيات ص 198، والأغاني 3/23، والبحر المحيط 8/412، والدر المصون 6/471.
[59241]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (19/128).