اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَيُعَذِّبُهُ ٱللَّهُ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَكۡبَرَ} (24)

فيعذبه الله العذاب الأكبر ، وهو جهنم الدائم عذابها ، وإنما قال : «الأكبر » ؛ لأنهم عذّبوا في الدنيا بالجوع ، والقَحْط ، والأسْر ، والقَتْل ، ويؤيد هذا التأويل : قراءة{[60023]} ابن مسعود : «إلا مَنْ تَوَلَّى وكَفَر فإنَّه يُعَذِّبُهُ الله » .

وقيل : هو استثناء متصل ، والمعنى : لست مسلَّطاً إلى على من تولى وكفر ، فأنت مسلَّط عليه بالجهاد ، والله - تعالى - يعذبه ذلك العذاب الأكبر ، فلا نسخ في الآية على هذا التقدير .

وقرأ ابنُ عبَّاسٍ{[60024]} وزيد بن عليٍّ ، وزَيْدُ بنُ أسلمَ ، وقتادةُ : «ألا » حرف استفتاح وتنبيه ؛ كقول امرئ القيس : [ الطويل ]

5187- ألا رُبَّ يَوْمٍ لَكَ مِنْهُنَّ صَالِحٍ *** . . . {[60025]}

و«مَنْ » على هذا شرط ، فالجملة مقدرة شرطية ، والجواب : «فيعذبه الله » ، والمبتدأ بعد الفاء مضمر ، والتقدير : فهو يعذبه الله ؛ لأنه لو أريد الجواب بالفعل الذي بعد الفاء لكان : «إلا من تولى وكفر يعذبه الله » .

[ قال شهاب الدين{[60026]} : أو موصول مضمن معناه ]{[60027]} .


[60023]:ينظر: الكشاف 4/745، والمحرر الوجيز 5/475.
[60024]:ينظر: المحرر الوجيز 5/475، والبحر المحيط 8/460، والدر المصون 6/515.
[60025]:صدر بيت وعجزه: *** ولا سيما يوم بدارة جلجل ينظر ديوان امرىء القيس ص 10، والجنى الداني ص 334، 443، وخزانة الأدب 3/444، 451، والدرر 3/183، وشرح شواهد المغني 1/412، 2/558 وشرح المفصل 2/82، والصاحبي في فقه اللغة ص 155، ولسان العرب (سوا)، ورصف المباني ص 193، وشرح الأشموني 1/241، ومغني اللبيب ص 14، 313، 421، وهمع الهوامع 1/234.
[60026]:الدر المصون 6/515.
[60027]:سقط من ب.