اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَثَمُودَ ٱلَّذِينَ جَابُواْ ٱلصَّخۡرَ بِٱلۡوَادِ} (9)

قوله : { وَثَمُودَ } .

قرأ العامة بمنع الصرف .

وابنُ وثابٍ{[60114]} : يصرفه ، والذي يجوز فيه ما تقدم في : «التي لم يخلق » .

و«جَابُوا » أي : قطعوا ، ومنه : فلان يجوب البلاد ، أي : يقطعها سيراً ؛ قال : [ البسيط ]

5196- مَا إنْ رَأيْتُ قَلُوصاً قَبْلَهَا حَملتْ *** سِتِّينَ وسْقاً ولا جَابتْ بِهِ بَلدَا{[60115]}

وجَابَ الشيء يجوبه : أي : قطعه ، ومنه سمي جيب القميص ؛ لأنه جيب ، أي : قطع .

وقوله : «بالوَادِ » : متعلق إما ب «جابوا » أي : فيه ، وإما بمحذوف على أنه حال من «الصَّخْر » ، أو من الفاعلين .

وأثبت في الحالين : ابنُ كثيرٍ وورشٌ بخلاف عن قنبل ، فروي عنه إثباتها في الحالين ، وروي عنه : إثباتها في الوصل خاصة ، وحذفها الباقون في الحالين ، موافقة لخط المصحف ، ومراعاة{[60116]} للفواصل كما تقدم في «يسر » .

فصل في تفسير الآية

قال ابنُ عبَّاسٍ : كانوا يجوبون البلاد ، ويجعلون من الجبال بيوتاً ، لقوله - تعالى - : { يَنْحِتُونَ مِنَ الجبال بُيُوتاً }{[60117]} [ الحجر : 82 ] .

وقيل : أول من نحت من الجبال ، والصخور والرخام : ثمود ، وبنوا ألفاً وسبعمائة مدينة ، كلها من الحجارة .

وقوله تعالى : { بالواد } أي : بوادي القرى . قاله محمد بن إسحاق .

[ وروى أبو الأشهب عن أبي نضرة ، قال : «أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة «تبوك » على وادي ثمود ، وهو على فرس أشقر ، فقال : «أسرعوا السير ؛ فإنكم في واد ملعون » .

وقيل : الوادي بين جبال ، وكل منفرج بين جبال أو تلال يكون مسلكاً للسيل ، ومنفذاً ، فهو واد ]{[60118]} .


[60114]:ينظر: المحرر الوجيز 5/478، والبحر المحيط 8/465، والدر المصون 6/519.
[60115]:ينظر القرطبي 20/33، والبحر 8/462، واللسان (حوب)، والدر المصون 6/519.
[60116]:ينظر: المحرر الوجيز 5/478، والدر المصون 6/519.
[60117]:ينظر القرطبي (20/31) عن الضحاك.
[60118]:سقط من: ب.