الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰ لَا تَخَفۡ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (10)

فإن قلت : علام عطف قوله : { وَأَلْقِ عَصَاكَ } ؟ قلت : على بورك ؛ لأن المعنى : نودي أن بورك من في النار ، وأن ألق عصاك : كلاهما تفسير لنودي . والمعنى : قيل له بورك من في النار ، وقيل له : { أَلْقِ عَصَاكَ } . والدليل على ذلك قوله تعالى : { وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ } [ القصص : 31 ] بعد قوله : { أَن يا موسى إِنّى أَنَا الله } [ القصص : 30 ] على تكرير حرف التفسير ، كما تقول : كتبت إليك أن حج وأن اعتمر ، وإن شئت أن حج واعتمر . وقرأ الحسن : ( جأن ) على لغة من يجدّ في الهرب من التقاء الساكنين ، فيقول : شأبَّة ودأبَّة . ومنها قراءة عمرو بن عبيد «ولا الضألين » { وَلَمْ يُعَقّبْ } لم يرجع ، يقال : عقب المقاتل ، إذا كرّ بعد الفرار . قال :

فَمَا عَقَّبُوا إذْ قِيلَ هَلْ مِنْ مُعَقِّبٍ *** وَلاَ نَزَلُوا يَوْمَ الكَرِيهَةِ مَنْزِلا

وإنما رعب لظنه أن ذلك لأمر أريد به ، ويدل عليه { إِنّى لاَ يَخَافُ لَدَىَّ المرسلون } .