قوله : { وَأَلْقِ } عطف على ما قبله من الجملة الاسمية الخبرية ، وقد تقدم أن سيبويه لا يشترط تناسب الجمل ، وأنه يجيز : جاء زيدٌ ومن أبوك ، وتقدمت أدلته أول البقرة .
وقال الزمخشري : فإن قلت : علام عطف قوله : «وَأَلْقِ عَصَاكَ » ؟ قلت : على قوله : «بُورِكَ » لأن معنى : نودي أن بورك{[38337]} ، وقيل له : ألق عصاك ، والدليل على ذلك قوله : { وأن ألق عصاك } ، بعد قوله : أن يا موسى إني أنا الله على تكرير حرف التفسير ، كما يقول : كتبت إليه أن حجَّ واعتمر ، وإن شئت ، أن حجَّ وأن اعتمر{[38338]} . قال أبو حيان : وقوله إنه معطوف على «بُورِكَ » مُنَافٍ لتقديره ، وقيل له : ألق عصاك ، لأن هذه جملة معطوفة على «بُورِكَ » وليس جزؤها الذي هو معمول ، وقيل : معطوفاً على «بُورِكَ » ، وإنما احتاج إلى تقدير : وقيل له : ألق ، ليكون جملة خبرية مناسبة للجملة الخبرية التي عطفت عليها ، كأنه يرى في العطف تناسب الجمل المتعاطفة . والصحيح أنه لا يشترط ذلك{[38339]} ، ثم ذكر مذهب سيبويه{[38340]} .
{ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جان } ، وهي الحية الصغيرة التي يكثر اضطرابها{[38341]} ، سميت جانّاً ، لأنها تستر عن الناس{[38342]} . وقرأ الحسن ، والزهري ، وعمرو{[38343]} بن عبيد «جَأنٌّ » بهمزة مكان الألف{[38344]} ، وقد{[38345]} تقدم تقرير هذا عند { وَلاَ الضالين } [ الفاتحة : 7 ] على لغة من يهرب من التقاء الساكنين ، فيقول شأبَّة ودأبَّة . «وَلَّي مُدْبِراً » هرب{[38346]} من الخوف ، و «وَلَمْ يُعَقِّبْ » : لم يرجع ، يقال : عقب فلان : إذا رجع ، وكل راجع معقب .
وقال قتادة : ولم يلتفت ، فقال الله{[38347]} : { يا موسى لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ المرسلون }{[38348]} ، يريد : إذا أمَّنتهم لا يخافون{[38349]} ، وقيل : المراد إذا أمرتهم بإظهار معجز أن لا يخافوا فيما يتعلق بإظهار ذلك ، وإلا فالمرسل قد يخاف لا محالة{[38350]} ، لأن الخوف الذي هو شرط الإيمان لا يفارقهم ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أنا أخشاكم لله »{[38351]} .
قوله : «تَهْتَزُّ » جملة حالية من ( هاء ) «رآها »{[38352]} ، لأن{[38353]} الرؤية بصريَّة ، وقوله : «كَأنَّهَا جَانٌّ » : يجوز أن تكون حالاً{[38354]} ثانية{[38355]} ، وأن تكون حالاً من ضمير «تَهْتَزُّ »{[38356]} ، فيكون حالاً متداخلة ، وقوله : «وَلَمْ يُعَقّبْ » يجوز أن يكون عطفاً على «وَلَّى » ، وأن يكون حالاً أخرى ، والمعنى : ولم يرجع على عقبه ، كقوله :
3933 - فَمَا عَقَّبُوا إذْ قِيلَ هَلْ{[38357]} مِنْ مُعَقِّب *** وَلاَ نَزلُوا يَومَ الكَرِيهَةِ مَنْزِلا{[38358]}
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.