النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَلۡقِ عَصَاكَۚ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهۡتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنّٞ وَلَّىٰ مُدۡبِرٗا وَلَمۡ يُعَقِّبۡۚ يَٰمُوسَىٰ لَا تَخَفۡ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (10)

قوله تعالى : { وَأَلْقِ عَصَاكَ } قال وهب : ظن موسى أن الله أمره برفضها فرفضها .

{ فَلَمَا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ } فيه وجهان :

أحدهما : أن الجان الحية الصغيرة سميت بذلك لاجتنانها واستتارها .

والثاني : أنه أراد بالجان الشيطان من الجن ، لأنهم يشبهون كل ما استهولوه بالشيطان ، كما قال تعالى :

{ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ }

[ الصافات : 65 ] .

وقد كان انقلاب العصا إلى أعظم الحيات لا إلى أصغرها ، كما قال تعالى :

{ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ }

[ الأعراف : 107 ] و[ الشعراء : 33 ] .

قال عبد الله بن عباس : وكانت العصا قد أعطاه إياها ملك من الملائكة حين توجه إلى مَدْيَن وكان اسمها : ما شاء . قال ابن جبير : وكانت من عوسج .

{ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقّبْ . . . } فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : ولم يرجع ، قاله مجاهد . قال قطرب : مأخوذ من العقب .

الثاني : ولم ينتظر ، قاله السدي .

الثالث : ولم يلتفت ، قاله قتادة .

ويحتمل رابعاً : أن يكون معناه أنه بقي ولم يمش ، لأنه في المشي معقب لابتدائه بوضع عقبه قبل قدمه .

قوله تعالى : { . . . إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ } قيل إنه أراد في الموضع الذي يوحى فيه إليهم ، وإلا فالمرسلون من الله أخوف .