مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ وَمَن يُؤۡمِنۢ بِٱللَّهِ يَهۡدِ قَلۡبَهُۥۚ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (11)

ثم قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ، وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين ، الله لا إله إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون } .

قوله تعالى : { إلا بإذن الله } أي بأمر الله قاله الحسن ، وقيل : بتقدير الله وقضائه ، وقيل : بإرادة الله تعالى ومشيئته ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : بعلمه وقضائه وقوله تعالى : { يهد قلبه } أي عند المصيبة أو عند الموت أو المرض أو الفقر أو القحط ، ونحو ذلك فيعلم أنها من الله تعالى فيسلم لقضاء الله تعالى ويسترجع ، فذلك قوله : { يهد قلبه } أي للتسليم لأمر الله ، ونظيره قوله : { الذين إذا أصابتهم مصيبة } إلى قوله : { أولئك هم المهتدون } ، قال أهل المعاني : يهد قلبه للشكر عند الرخاء والصبر عند البلاء ، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما يهد قلبه إلى ما يحب ويرضى وقرئ { نهد قلبه } بالنون وعن عكرمة { يهد قلبه } بفتح الدال وضم الياء ، وقرئ { يهدأ } قال الزجاج : هدأ قلبه يهدأ إذا سكن ، والقلب بالرفع والنصب ووجه النصب أن يكون مثل سفه نفسه { والله بكل شيء عليم } يحتمل أن يكون إشارة إلى اطمئنان القلب عند المصيبة ، وقيل : عليم بتصديق من صدق رسوله فمن صدقه فقد هدى قلبه : { وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين } .